كتاب:أخبارالظراف والمتماجنين ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي
--
بسم الله الرحمن
الرحيم عونك اللهم
الحمد لله الذي قسم الأذهان فأكثر وأقل ، وصلواته على محمد أشرف
نبي أرشد ودل ، وعلى أصحابه وأتباعه ما أطل سحاب فطل وبل
أما بعد ؛ فلما كانت
النفس تمل من الجد ، لم يكن بأس بإطلاقها في مزح ترتاح به
1 - كان الزهري يقول :
هاتوا من أشعاركم ، هاتوا من طرفكم ، أفيضوا في بعض ما يخف عليكم وتأنس به طباعكم
2 - وقد كان شعبة يحدث
الناس ، فإذا تلمح أبا زيد النحوي في أخريات الناس ، قال : يا أبا زيد ! ( استعجمت
دار نعم ما تكلمنا ** والدار لو كلمتنا ذات أخبار )
3 - وقال حماد بن سلمة :
لا يحب الملح إلا ذكران الرجال ، ولا يكرهها إلا مؤنثوهم
4 - عن بكر بن عبد الله
المزني ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ ، فإذا
كانت الحقائق كانوا الرجال
5 - قال قبيصة : كان
سفيان مزاحا ، ولقد كنت أجيء إليه مع القوم فأتأخر خلفهم مخافة أن يحيرني بمزاحه
6 - قال سفيان بن عيينة :
أتينا مرة مسعر بن كدام ، فوجدناه يصلي ، فأطال الصلاة جدا ، ثم التفت إلينا
متبسما ، فأنشدنا : ( ألا تلك عزة قد أقبلت ** ترفع نحوي طرفا غضيضا تقول : مرضنا فما عدتنا ** وكيف يعود مريض مريضا ) قال :
فقلت : رحمك الله ، بعد هذه الصلاة هذا ! قال : نعم ! مرة هكذا ومرة هكذا
7 - قلت : وقد بلغني عن
جماعة من الفطناء والظرفاء حكايات تدل على قوة فهومهم ، فسماعها يشحذ الذهن ،
وينبه الفهم ، فأحببت أن أذكر منها طرفا
8 - وبلغني عن جماعة من
المجون ما يتفرج فيه
ومعنى المجون : صرف
اللفظ عن حقيقته إلى معنى آخر ، وذلك يدل على قوة الفطنة
فكتبت من ذلك في هذا
الكتاب طرفا
وقد قسمته ثلاثة
أبواب : الباب الأول : فيما ذكر عن الرجال
الباب الثاني : فيما
ذكر عن النساء
الباب الثالث : فيما
ذكر عن الصبيان
والله الموفق
الباب الأول فيما ذكر
عن الرجال قد قسمت هذا إلى خمسة أقسام : أحدها : ما يروى من ذلك عن الأنبياء عليهم
السلام
والثاني : ما يروى عن
الصحابة
والثالث : ما يروى عن
العلماء والحكماء
والرابع : ما ما يروى
عن العرب
والخامس : ما يروى عن
العوام .
القسم الأول فيما
يروى عن الأنبياء عليهم السلام 22 - عن محمد بن كعب القرظيّ ، قال : جاء رجل إلى
سليمان النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا نبي الله ! إن لي جيراناً يسرقون
إوزّي ، فنادى : الصلاة جامعة ؛ ثمّ خطبهم ، فقال في خطبته : واحدكم يسرق إوزّة
جاره ، ثمّ يدخل المسجد والرّيش على رأسه ! فمسح رجلٌ رأسه ، فقال سليمان : خذوه ،
فإنّه صاحبكم
23 - قلت : وذكروا
في الإسرائيليات أنّ الهدهد جاء إلى سليمان ، فقال : أريد أن تكون في ضيافتي ،
فقال سليمان : أنا وحدي ؟ فقال : لا ! بل أنت والعسكر ، في يوم كذا ، على جزيرة
كذا ؛ فلمّا كان ذلك اليوم ، جاء سليمان و عسكره ، فطار الهدهد ، فصاد جرادةً ،
فخنقها ، ورمى بها في البحر ، وقال : كلوا ، فمن لم ينل من اللّحم نال من المرقة ؛
فضحك سليمان من ذلك وجنوده حولاً كاملاً
24 - عن أبي هريرة ، قال :
قال رجل : يا رسول الله ! إن لي جاراً يؤذيني ، فقال : ' انطلق ، فأخرج متاعك إلى
الطريق ' فأنطلق ، فأخرج متاعه ، فاجتمع الناس عليه ، فقالوا : ما شأنك ؟ فقال :
لي جارٌ يؤذيني ، فذكرت ذلك للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : ' انطلق ! فأخرج متاعك إلى
الطريق ' ، فجعلوا
يقولون : اللهّم العنة ، اللّهم اخزه ؛ فبلغه ، فأتاه ، فقال : ارجع إلى منزلك ،
فوالله لا أؤذيك
25 - قال محمد بن إسحاق :
لما خرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى بدر ، خرج هو ورجلٌ آخر تبعه ،
فرأيا رجلاً ، فسألاه عن قريش وعن محمد وأصحابه ، فقال الشيخ : لا أخبركما حتى
تخبراني من أنتما ؛ فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إذا أخبرتنا أخبرناك ' فقال الشيخ : بلغني
أن محمداً وأصحابه خرجوا يوم كذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا ،
وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا
ثم قال : ممن أنتم ؟
فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' نحن من ماء ' وكان العراق يسمى ماءً ، فأوهمه أنّه من العراق ، وإنّما
أراد أنّه خلق من نطفة
26 - وقال الحسن البصري :
جاء رجلٌ إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] برجلٍ قد قتل حميماً له ، فقال له
: ' أتأخذ الدية ؟ ' قال : لا ، قال ' أفتعفو ! ؟ ' قال : لا ، قال : ' اذهب
فاقتله ' ، فلما جاوزه ، قال رسول الله [ صلى الله عليه
وسلم ] : ' إن قتله فهو مثله ' فأخبر الرجل ، فتركه
قال ابن قتيبة : لم
يرد أنّه مثله في المأثم ، إنّما أراد أنّ هذا قاتلٌ وهذا قاتلٌ ، إلاّ أنّ الأوّل
ظالمٌ والثاني مقتص
27 - قال خوّات بن جبير :
نزلت مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] مرّ
الظهران ، فخرجت من
خبائي ، فإذا نسوةٌ يتحدّثن ، فأعجبنني ، فرجعت ، فأخرجت حلةٌ لي من عيبتي ،
فلبستها ، ثم جلست إليهن ، وخرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] من قبته ، فقال
: ' أبا عبد الله ! ما يجلسك إليهنّ ؟ ' قال : فهبت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقلت : يا رسول الله !
جملٌ لي شرودٌ ، أبتغي له قيداً
قال : فمضى رسول الله
[ صلى الله عليه وسلم ] ، وتبعته ، فألقى إليّ رداءه ، ودخل الأراك ،
فقضى حاجته ، وتوضأ ، ثمّ جاء ، فقال : ' أبا عبد الله ! ما فعل شرادُ جملك ؟ '
ثمّ ارتحلنا ، فجعل لا يلحقني في الميسر إلا قال : ' السلام عليكم أبا عبد الله ،
ما فعل شراد جملك ؟ '
قال : فتعجلت إلى
المدينة ، فاجتنبت المسجد ومجالسة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فلما طال ذلك عليّ تحيّنت ساعة خلوة المسجد ، [ ثم أتيت
المسجد ] ، فجعلت أصلي ، فخرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] من بعض حجره ،
فجاء ، فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم جلس ، وطولت رجاء أن يذهب ويدعني ، فقال : ' طوّل
أبا عبد الله ما شئت ، فلست بقائم حتّى تنصرف ' فقلت : والله لأعتذرنّ إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ،
ولأبرئن صدره ؛ فانصرفت ، فقال : ' السلام عليكم أبا عبدالله ، ما فعل شرادُ الجمل
؟ '
فقلت : والذي بعثك
بالحق ما شرد ذاك الجمل منذ أسلمت ، فقال : ' رحمك الله ' مرتين أو ثلاثاً ، ثم
أمسك عني ، فلم يعد
28 - عن أبي بكر بن محمد
بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، قال : كان بالمدينة رجلٌ يقال له : نعيمان ، وكان لا
يدخل المدينة طرفة إلاّ اشترى منها ، ثمّ جاء بها إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم
] ، فقال : يا رسول الله ! هذا أهديته لك ؛ فإذا جاء صاحبه ، فطالب نعيمان بثمنه ،
جاء به إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا رسول الله ! اعطِ هذا ثمن
متاعه ، فيقول رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' أو لم تهده لي ؟ ' فيقول : يا
رسول الله ! والله لم يكن عندي ثمنه ، ولقد أحببت أن تأكله ؛ فيضحك رسول الله [ صلى الله
عليه وسلم ] ، ويأمر لصاحبه بثمنه
القسم الثاني فيما
يروى عن الصحابة 29 - عن أنس ، قال : لما هاجر رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، كان يركب ، وأبو بكر رديفه ، وكان أبو بكر
يعرف لاختلافه إلى الشام ، فكان يمرّ بالقوم ، فيقولون : من هذا بين يديك يا أبا
بكرٍ ؟ فيقول : هذا يهديني
30 - عن عبد الجبار بن
صيفي ، عن جدّه ، قال : إنّ صهيباً قدم على النبيّ [ صلى الله عليه وسلم ] ، وبين
يديه تمرٌ وخبزٌ ، فقال : ' ادن فكل '
قال : فأخذ يأكل من
التمر ، فقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إنّ بعينك رمداً ' فقال : يا رسول الله ! أنا آكل من الناحية الأخرى ؛
فتبسم النبي [ صلى الله عليه وسلم ]
31 - عن زيد بن أسلم ، عن
أبيه ، قال : وفدت على عمر بن الخطاب حللٌ من اليمن ، فقسمها بين الناس ، فرأى فيها
حلّة رديئة ، فقال : كيف أصنع بها ؟ إن أعطيتها أحداً لم يقبلها إذا رأى هذا العيب
فيها ؛ فأخذها ، فطواها ، فجعلها تحت مجلسه ، فأخرج طرفها ، ووضع الحلل بين يديه ،
فجعل يقسم بين الناس ، فدخل الزبير بن العوّام وهو على تلك الحال ؛ قال : فجعل
ينظر إلى تلك الحلة ، فقال : ما هذه الحلة ؟ قال عمر : دع هذه عنك
قال : ما هيه ، ما
هيه ، ما شأنها ؟ قال : دع هذه عنك
قال : فأعطينيها ؛
قال : إنّك لا ترضاها
قال :
بلى ! قد رضيتها ؛
فلما توثّق منه واشترط عليه أن يقبلها ولا يردّها ، رمى بها إليه ؛ فلمّا أخذها
الزّبير ، ونظر إليها ، إذا هي رديئةٌ ، فقال : لا أريدها ؛ فقال عمر : أيهات ، قد
فرغت منها ؛ فأجازه عليها وأبى أن يقبلها منه
32 - عن حنش بن المعتمر أن
رجلين أتيا امرأة من قريش ، فاستودعاها مئة دينار ، وقالا : لا تدفعيها إلى واحدٍ
منا دون صاحبه حتى نجتمع ، فلبثا حولاً ، فجاء أحدهما إليها ، فقال : إنّ صاحبي قد
مات ، فادفعي إلىّ الدنانير ؛ فأبت ، [ وقالت : إنّكما قلتما لا تدفعيها إلى واحدٍ
منّا دون صاحبه ، فلست بدافعتها إليك ؛ فتثقّل عليها بأهلها وجيرانها ، ] فلم
يزالوا بها حتّى دفعتها إليه
ثمّ لبثت حولاً ،
فجاء الآخر ، فقال : ادفعي إليّ الدنانير ؛ فقالت : إنّ صاحبك جاءني ، فزعم أنّك
متّ ، فدفعتها إليه ؛ فاختصما إلى عمر بن الخطاب ، فأراد أن يقضي عليها ، فقالت :
أنشدك الله أن تقضي بيننا ، ارفعنا إلى عليّ ؛ فرفعهما إلى عليّ ، فعرف أنّهما قد
مكرا بها ، فقال : أليس قلتما : لا تدفعيها إلى واحد منّا دون صاحبه ؟ قال : بلى ؛
فقال عليّ : مالك عندنا ، فجئ بصاحبك حتى تدفعها إليكما
33 - عن أسامة بن زيدٍ ،
عن أبيه ، عن جده ، قال : كان عمر بن الخطّاب يعدّ للنّاس خرقاً وخيوطاً ؛ فإذا
أعطى الرجل عطاءه
في يده أعطاه خرقةً
وخيطاً ، وقال له : اربط ذهبك ، وأصلح مويلك ، فإنّك لا تدري كم يدوم هذا لك !
فأدخل عليه رجلٌ يقاد ؛ فأعطاه ، فكأنه استقله ، فقال عمر لقائده : اخرج به ؛ فخرج
به ، ففرشها ، ثمّ دعاه ، فقال : خذ هذه كلّها ؛ فجمعها ، وخرج فرحاً
34 - عن عبد الله بن عاصم
بن المنذر ، قال : تزوّج عبد الله بن أبي بكر الصديق عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت
حسناء ، ذات خلقٍ بارعٍ ، فشغلته عن مغازيه ، فأمره أبوه بطلاقها ، فطلّقها ؛ وقال
: ( ولم أر مثلي طلّق اليوم مثلها ** ولا مثلها في غير جرمٍ تطلّق ) فرق له أبوه ،
وأمره فراجعها ، ثمّ ثم شهد مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] غزاة الطائف ،
فأصابه سهمٌ ، فمات منه ، فقالت عاتكة : ( رزيت بخير الناس بعد نبيهم ** وبعد أبي بكرٍ وما كان قصّرا وآليت لا
تنفك عيني حزينةً ** عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فللّه فلله عيناً من رأى مثله فتىّ
** أكرّ وأحمى في الهياج وأصبرا إذا شرعت فيه الأسنّة خاضها ** إلى الموت حتى حتى
يترك الرمح أحمرا ) ثم تزوّجها عمر بن الخطاب ، فأولم ، وكان فيمن دعا علي بن أبي
طالب ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! دعني أكلم عاتكة ؛ فقال : كلّمها ؛ فأخذ عليّ
بجانب الخدر ، ثم قال ؛ يا عديّة نفسها : ( وآليت لا تنفك عيني قريرةً ** عليك ولا ينفك جلدي أصفرا )
فبكت ، فقال عمر : ما
دعاك إلى هذا ؟ كل النساء يفعل هذا
35 - قال يهودي لأمير
المؤمنين علي : ما دفنتم نبيكم حتى قالت الأنصار : منّا أميرٌ ومنكم أميرٌ ! فقال له عليٌ : أنتم ما جفّت أقدامكم من
البحر حتى قلتم : اجعل لنا إلهاً ! 36 - عن أبي مليكة ، قال : قال ابن الزبير لابن
جعفر : أتذكر إذ تلقينا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، أنا وأنت وابن عباس ،
قال : نعم ، فحملنا وتركك
37 - عن أبي رزين ، قال :
سئل العباس : أنت أكبر أم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ؟ قال : هو أكبر مني ،
وأنا ولدت قبله
38 - عن مجاهد ، قال :
بينا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] في أصحابه ، إذ وجد ريحاً ، فقال : ' ليقم
صاحب هذه الريح فليتوضأ ' ، فاستحيا الرجل ، ثمّ قال : ' ليقم صاحب هذه الريح
فليتوضأ ، فإن الله لا يستحيي من الحق ' فقال العباس : ألا نقوم ، يا رسول الله ؛ كلنا نتوضأ ؟ 39 - عن ابن
عباس : وروي مثل هذه القصة في خلافة عمر ، فقال جرير : يتوضأ القوم كلهم ؟
فقال عمر : نعم السّيد كنت في الجاهلية ، ونعم السيد أنت في الإسلام
40 - عن عكرمة ، أن عبد
الله بن رواحة كان مضطجعاً إلى جنب امرأته ، فخرج إلى الحجرة ، فعرف جارية له ،
فانتبهت المرأة ، فلم تره ، فخرجت ، فإذا هو يعرف الجارية ، فرجعت فأخذت شفرةً ،
فلقيها ومعها الشفرة ، فقال : مهيم ؟ فقالت : مهيم ! أما إنّي لو وجدتك حيث كنت
لوجأتك بها ؛ قال : وأين كنت ؟ قالت : تعرفها
قال : ما كنت ! قالت
: بلى ! قال : فإن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] نهانا أن يقرأ أحدنا القرآن
وهو جنب ؛ فقالت : اقرأه ؛ فقال : ( أتانا رسول الله يتلو كتابه ** كما لاح مشهودٌ
من الصبح ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا ** به موقناتٌ أنّ ما قال واقع يبيت
يجافي جنبه عن فراشه ** إذا استثقلت بالكافرين المضاجع ) قالت : آمنت بالله وكذبت
بصري
قال : فغدوت إلى رسول
الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فأخبرته ، فضحك حتى بدت نواجذه
41 - عن أم سلمة ، قالت :
خرج أبو بكر في تجارةٍ إلى بصرى قبل موت رسول الله بعام ، ومعه نعيمان وسويبط بن
حرملة ، وكانا قد شهدا بدراً ، وكان نعيمان على الزّاد ، وكان سويبط رجلاً مزاحاً
، فقال لنعيمان : أطعمني ! قال : حتى يجيء أبو بكرٍ ؛ قال : أما لأغيظنّك
قال : فمروا بقومٍ ، فقال
لهم سويبط : تشترون مني عبداً لي ؟ قالوا : نعم ؛ قال : إنّه عبد له كلامٌ ، فهو قائل
لكم : إنّي حرٌ ، فإن
كنتم إذا قال لكم هذه
المقالة تركتموه فلا تفسدوا علي عبدي ! قالوا : لا ؛ بل نشتريه منك
قال : فاشتروه بعشر
قلائص
قال : ثم أتوه ،
فوضعوا في عنقه عمامةً أو حبلاً ، فقال نعيمان : إن هذا يستهزئ بكم ، وإني حرٌ
ولست بعبد ! فقالوا : قد أخبرنا خبرك ؛ فانطلقوا به ، فجاء أبو بكرٍ ، فأخبروه
بذلك ، فاتبع القوم ، فردّ عليهم القلائص ، وأخذ نعيمان ؛ فلمّا قدموا على النبي [
صلى الله عليه وسلم ] أخبروه ، فضحك النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وأصحابه منه
حولاً
42 - عن زيد بن أسلم ، عن
أبيه ، أن عمر بن الخطاب استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين ، فكرهوه ، فعزله
عنهم ، فخافوا أن يردّه ، فقال دهقانهم : اجمعوا مئة ألف درهم حتى أذهب بها إلى
عمر وأقول له : إن المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ ففعلوا ، فأتى عمر ، وقال : إنّ
المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ فدعا عمر المغيرة ، وقال : ما يقول هذا ؟ قال :
كذب ! إنما كانت مئتي ألف ! قال : فما حملك على ذلك ؟ قال : العيال والحاجة
فقال عمر للعلج : ما
تقول ؟ قال : والله لأصدقنّك ! والله ما دفع إلي قليلاً و لا كثيراً ! فقال عمر
للمغيرة : ما أردت إلى هذا ؟ قال : الخبيث كذب عليّ ، فأحببت أن أخزيه
43 - عن نافعٍ ، قال : كان
عبد الله بن عمر يمازح مولاة له ، فيقول لها : خلقني خالق الكرام وخلقك خالق
اللئام ! فتغضب وتصيح وتبكي ، ويضحك عبد الله
44 - مازح معاوية الأحنف ،
فقال : يا أحنف ! ما الشيء الملفف في البجاد ؟ قال : هو السخينة
أراد معاوية قول
الشاعر : ( إذا ما مات ميتٌ من تميم ** فسرك أن يعيش فجئ بزادٍ بخبزٍ أو بسمنٍ أو
بزيتٍ ** أو الشيء الملفّف في البجاد ) يريد وطب اللبن
والبجاد : كساءٌ يلف
فيه ذلك
وأراد الأحنف ب '
السخينة ' أن قريشاً كانوا يأكلونها ويعيّرون بها ، وهي أغلظ من الحساء وأرق من
العصيد ، وإنّما تؤكل في كلب الزمان وشدة الدهر
45 - وكان بين يدي معاوية ثريدةٌ
كثيرةُ السمن ، ورجلٌ يواكله ، فخرقه إليه ، فقال له : ! ( أخرقتها لتغرق أهلها )
! [ 18 سورة الكهف / الآية : 71 ]
فقال : ! ( فسقناه
إلى بلد ميت ) ! [ 35 سورة فاطر / الآية : 9 ]
46 - ولمّا قدم معاوية
حاجاً تلقّته قريشٌ بوادي القرى ، وتلقّته الأنصار بأجزاع المدينة ، فقال لهم : ما
منعكم أن تلقوني حيث تلقتني قريشٌ ؟ قالوا : لم يكن دوابٌ ؛ قال : فأين النواضحٌ ؟ قالوا : أنضيناها يوم بدرٍ في
طلب أبي سفيان
47 - وقال معاوية لعقيل : إن
فيكم لشبقاً يا بني هاشم ! قال : هو منّا في الرجال ، وهو منكم في النساء
48 - عن خبيب بن عبد
الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : شهدت مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقتلت رجلاً ، وضربني ضربةً ، فتزوّجت بابنته بعد
، فكانت تقول : لا عدمتُ رجلاً وشحك هذا الوشاح ؛ فأقول : لا عدمت رجلاً عجّل أباك
إلى النار
49 - قال معاوية لعبد الله
بن عامر : إن لي إليك حاجةٌ ، أتقضيها ؟ قال : نعم ! ولي إليك حاجةٌ ، أتمضيها ؟
قال : نعم ؛ قال : سل حاجتك ، قال : أريد أن تهب لي دورك وضياعك بالطائف ؛ قال :
قد فعلت ؛ قال : وصلتك رحمٌ ، فسل حاجتك ؛ قال : أن تردها عليّ ؛ قال : قد فعلت
50 - قال رجلٌ لأبي الأسود
الدؤلي : أشهد معاوية بدراً ؟ فقال : نعم ، من ذاك الجانب
51 - روى سعيدٌ المقبري ،
عن أبي هريرة ، أنّه قال : ' لا يزالً العبدُ في صلاةٍ ما لم يحدث ' فقال رجلٌ من
القوم أعجمي : ما الحدثُ يا أبا هريرة ؟ قال : الصوت ، قال : وما الصوت ؟ فجعل أبو
هريرة يضرط بفيه حتى أفهمه
القسم الثالث فيما
يروى عن العلماء والحكماء 52 - عن شيخ من قريش ، قال : عرض شريحٌ ناقةً لبيعها ،
فقال له المشتري : يا أبا أميّة ! كيف لبنها ؟ قال : احلب في أيّ إناءٍ شئت ؛ قال : كيف الوطاء ؟ قال : افرش ونم ؛ قال :
فكيف نجاؤها ؟ قال : إذا رأيتها في الإبل عرفت مكانها ؟ قال : كيف قوتها ؟ قال : احمل على
الحائط ما شئت
فاشتراها ، فلم ير
شيئاً مما وصفها به ، فرجع إليه ، فقال : لم أر شيئاً مما وصفتها به ! قال : ما
كذبتك ؛ قال : أقلني ؛ قال : نعمٌ
53 - عن أبي القاسم السلمي
، عن غير واحدٍ من أشياخه ، أن شريحاً خرج من عند زيادٍ وهو مريضٌ ، فأرسل إليه
مسروقٌ بن الأجدع رسولاً ، فقال : كيف تركت الأمير ؟ قال : تركته يأمر وينهى
قال : يأمر بالوصية
وينهي عن النياحة
54 - عن زكرياء بن أبي
زائدة ، قال : كنت مع الشعبي في
مسجد الكوفة ، إذ
أقبل حمّال على كتفه كودن ، فوضعه ، ودخل إليه ، فقال : يا شعبي ! إبليس كانت له زوجةٌ ؟ قال : ذاك عرسٌ ما شهدته ، قال : هذا
عالم العراق يسأل عن مسألةٍ فلا يجيب ! فقال : ردّوه ، نعم له زوجةٌ ، قال الله عز
وجل : ! ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية :
50 ] ولا تكون الذّرّيّة إلا من زوجةٍ
قال : فما كان اسمها
؟ قال : ذاك إملاكٌ ما شهدته
55 - عن عبد الله بن عياش
، قال : جلس الشعبي على باب داره ذات يوم ، فمرّ به رجلٌ ، فقال : أصلحك الله !
إني كنت أصلي ، فأدخلت إصبعي في أنفي ، فخرج عليها دمٌ ، فما ترى : أحتجم أم افتصد
؟ فرفع الشعبي يديه ، وقال : الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة
56 - أقر رجلٌ عند شريح ،
ثم ذهب لينكر ، فقال له شريحٌ : قد شهد عليك ابن أخت خالتك
57 - روى عامرٌ الشعبي
يوماً : أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، قال : ' تسحروا ، ولو أن يضع أحدكم إصبعه على التراب ثمّ يضعه في فيه '
فقال رجلٌ : أيّ
الأصابع ؟ فتناول الشعبيّ إبهام رجله ، وقال : هذه
58 - ولقيه رجلٌ وهو واقفٌ
مع امرأةٍ يكلّمها ، فقال الرجل : أيّكما الشّعبيّ ؟ فأومأ الشعبيّ إلى المرأة ،
وقال : هذه
59 - وسأله رجلٌ عن المسح
على اللّحية في الوضوء ، فقال : خلّلها بأصابعك
فقال : أخاف أن لا
تبلّها ! قال : فانقعها من أوّل اللّيل
60 - ودخل الشعبي على عبد
الملك ، فقال له : كم عطاءك ؟ قال : ألفي درهم
فقال : لحن العراقي ؛
ثم رد عليه ، فقال : كم عطاؤك ؟ قال ألفاً درهم
قال : ألم تقل : ألفي
درهم ! فقال : لحن أمير المؤمنين فلحنت ، لأني كرهت أن يكون راجلاً وأكون فارساً
61 - ودخل الشعبي الحمام ،
فرأى داود الأوديّ بلا مئزر ، فغمض عينيه ، فقال له داود : متى عميت يا أبا عمرو ؟
قال : منذ هتك الله سترك
62 - وجاء رجلٌ إلى الشعبي
، فقال : اكتريت حماراً بنصف درهم ، وجئتك لتحدّثني ؛ فقال له : أكتر بالنصف الآخر
وارجع ، فما أريد أن أحدثك
63 - وقيل للشعبي : هل
تمرض الروح ؟ قال : نعم ! من ظل الثقلاء
64 - قال بعض أصحابه :
فمررت به يوماً وهو بين ثقيلين ، فقلت : كيف الروح ؟ قال : في النزع
65 - قال أبو عبد الله
الأسناطي : لما نزل في عين سعيد بن المسيب الماء ، قيل له : اقدحها ، فقال : فعلى
من أفتحها
66 - كان إبراهيم النّخعي
إذا طلبه إنسانٌ لا يحبّ لقاءه ، خرجت الخادم فقالت : اطلبوه في المسجد
67 - عن جرير ، قال : جئت
الأعمش يوماً ، فوجدته قاعداً في ناحيةٍ ، وفي الموضع خليجٌ من ماء المطر ، فجاء
رجلٌ عليه سواد ، فرأى الأعمش وعليه فروةٌ ، فقال : قم عبرني هذا الخليج ؛ وجذب
بيده ، فأقامه ، وركبه ، وقال : ! ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) ! [ 43 سورة الزخرف / الآية 13 ]
فمضى به الأعمش حتى
توسط الخليج ، ثم رمى به ، وقال : ! ( وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ) ! [ 23 سورة المؤمنون / الآية :
29 ]
ثمّ خرج ، وتركه
يتخبّط في الماء
68 - عن الهيثم بن عدي ،
قال : قيل للأعمش : ممّ عمشت عيناك ؟ قال : من النظر إلى الثقلاء
69 - قال الأعمش : وقال
جالينوس : لكل شيءٍ حمى ، وحمى الروح النظر إلى الثقلاء
70 - قال شريك : سمعت
الأعمش يقول : إذا كان عن يسارك ثقيلٌ وأنت في الصلاة ، فتسليمة عن اليمين تجزءك
71 - قال إسحاق الأزرق :
قال : رجلٌ للأعمش : كيف بتّ البارحة ؟ قال : فدخل ، فجاء بحصير ووسادة ، ثم
استلقى ، وقال : كذا
72 - قال سعيد الورّاق :
كان للأعمش جارٌ ، كان لا يزال يعرض عليه المنزل ؛ يقول : لو دخلت فأكلت كسرةً
وملحاً ؟ فيأبى عليه الأعمش ، فعرض عليه ذات يوم ، فوافق جوع الأعمش ، فقال : مرّ
بنا ؛ فدخل منزله ، فقرّب إليه كسرةً وملحاً ؛ إذ سأل سائلٌ ، فقال له ربّ المنزل
: بورك فيك ، فأعاد عليه المسألة ، فقال له : بورك فيك ؛ فلما سأل الثالثة ، قال
له : اذهب ، وإلا والله خرجت إليك بالعصا ! قال : فناداه الأعمش : اذهب ويحك ! ولا
والله ما رأيت أحداً أصدق مواعيد منه ، هو منذ سنةٍ يعدني على كسرةٍ وملح ، ولا والله
ما زادني عليهما
73 - قال الأعمش لجليسٍ له
: تشتهي كذا وكذا من الطعام ؟
فوصف طعاماً طيباً ؛
فقال : نعم ؛ قال : فأنهض بنا ؛ فدخل به منزله ، فقدّم رغيفين يابسين وكامخاً ،
وقال : كل ؛ قال : أين ما قلت ؟ قال : ما قلت لك عندي ، إنّما قلت تشتهي
74 - دخل على الأعمش رجلٌ
يعوده ، فقال له : ما أشدّ ما مرّ بك في علّتك هذه ؟ قال : دخولك
75 - قال أبو بكرٍ بن عياش
: كنّا نسمي الأعمش سيّد المحدثين ، وكنّا نجيء إليه إذا فرغنا من الدّوران ،
فيقول : عند من كنتم ؟ فيقول : عند فلان ؛ فيقول : طبلٌ مخرقٌ ؛ ويقول : عند من ؟
فنقول : فلانٌ ، فيقول : دفٌ ممزّقٌ
وكان يخرج إلينا
شيئاً لنأكله ، فقلنا يوماً : لا يخرج إليكم الأعمش شيئاً إلا أكلتموه
قال : فأخرج إلينا
سنّاً ، فأكلناه ، وأخرج فدخل ، فأخرج فتيتاً ، فشربناه ، فدخل ، فأخرج إجانةً
صغيرةً وقتاً ، وقال : فعل الله بكم وفعل ! أكلتم قوتي وقوت امرأتي ، وشربتم
فتيتها ! هذا علفٌ الشاة ، كلوا ! قال : فمكثنا ثلاثين يوماً لا نكتب فزعاً منه ،
حتى كلّمنا إنساناً عطاراً كان يجلس إليه حتى كلمه لنا
76 - قال شعبة : كان الأعمش
إذا رأى ثقيلاً ، قال له : كم عزمك تقيم في هذا البلد ؟ 77 - قال عمر بن حفص بن
غياثٍ ، حدّثني أبي ، قال : قال لي الأعمش : إذا كان غد فاغذ عليّ حتى أحدثك عشرة
أحاديث ، وأطعمك عصيدةً ، وانظر ! لا تجيء معك بثقيل ! قال حفص : فغدوت أريد
الأعمش ، فلقيني ابن إدريس ، فقال : لي : أين تريد ؟ قلت : إلى الأعمش ، قال : فامض بنا
قال : فلمّا بصر بنا
الأعمش دخل إلى منزله ، وأجاف الباب ، وجعل يقول من داخل : يا حفص ! لا تأكل
العصيدة إلا بجوزٍ ! ألم أقل لك لا تجئني بثقيل !
78 - قال السيناني : دخل
مع أبي حنيفة على الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! لولا أني أكره أن أثقل عليك لزدت في عيادتك ؛ فقال له الأعمش
: إنّك تثقل عليّ وأنت في بيتك ، فكيف إذا دخلت عليّ ؟ 79 - قال الرّبيع بن نافع :
كنّا نجلس إلى الأعمش ، فنقول : في السماء غيمٌ
يعني : ههنا من نكره
80 - قال جرير : دعي
الأعمش إلى عرس ، فنشر فروته ، ثم
جاء ، فرده الحاجب ،
فرجع ، فلبس قميصاً وإزاراً ، وجاء ، فلمّا رآه الحاجبُ أذن له ، فدخل ، وجاءوا
بالمائدة ، فبسط كمّه على المائدة ، وقال : كل ! فإنما أنت دعيت ليس أنا ! وقام ولم يأكل
81 - قال حفص بن غياثٍ : رأيت
إدريس الأودي جاء بابنه عبد الله إلى الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! هذا ابني
، إنّ من علمه بالقرآن ، إنّ من علمه بالفرائض ، إنّ من علمه بالشعر ، إنّ من علمه
بالنحو ، إن من علمه بالفقه ؛ والأعمش ساكتٌ ، ثم سأل الأعمش عن شيءٍ ، فقال : سل
ابنك !
82 - قال وكيعٌ : كنا
يوماً عند الأعمش ، فجاء رجلٌ يسأله عن شيءٍ ، فقال : إيش معك ؟ قال : خوخٌ ؛ فجعل
يحدثه بحديثٍ ويعطيه واحدةً ، حتى فني ، قال : بقي شيءٌ ؟ قال : فني يا أبا محمدٍ
؛ قال : قم ، قد فني الحديث
83 - قال خبيقٌ : عوتب
الأعمش في دخوله على بعض الأمراء ، فقال : هم بمنزلة الكنيف ، دخلت ، فقضيت حاجتي
، ثم خرجت
84 - قال محمد بن عبيد
الله بن صبيح : ولى الحجّاج رجلاً من الأعراب بعض المياه ، فكسر عليه بعض خراجه ،
فأحضره ، ثم قال له : يا عدوّ الله ! أخذت مال الله ! قال : فمال من آخذ ! أنا
والله مع الشيطان أربعين سنةً حتى يعطيني حبّةً ما أعطاني
85 - قال عبيد الله بن
محمدٍ التيمي : سمعت ذا النّون يقول بمصر : من أراد أن يتعلم المروءة والظرف فعليه
بسقاة الماء ببغداد ، قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : لمّا حملت إلى بغداد ، رمي بي على
باب السلطان مقيّداً ، فمرّ بي رجلٌ متزرٌ بمنديل مصري ، معتمٌ بمنديل دبيقي ،
بيده كيزان خزفٍ رقاقٍ وزجاج مخروط ، فسألت : هذا ساقي السلطان ؟ فقيل لي : لا !
هذا ساقي العامة ؛ فأومأت إليه اسقني ، فتقدّم وسقاني ، فشممت من الكوز رائحة
المسك ، فقلت لمن معي : ادفع إليه ديناراً ؛ فأعطاه الدينار ، فأبى ، وقال : لست
آخذ شيئاً ! فقلت له : ولم ؟ فقال : أنت أسيرٌ ، وليس من المروءة أن آخذ منك شيئاً
؛ فقلت : كمل الظرف في هذا
86 - قال نسيمٌ الكاتب :
قيل لأشعب : جالست الناس وطلبت العلم ، فلو جلست لنا ؟ فجلس ، فقالوا : حدّثنا !
فقال : سمعت عكرمة يقول : سمعت ابن عباس يقول : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول ' خلّتان لا يجتمعان في
مؤمن '
ثم سكت ، فقالوا : ما
الخلّتان ؟ فقال : نسي عكرمة واحدة ، ونسيت أنا الأخرى
87 - قال الواقديّ : لقيت
أشعب يوماً ، فقال : وجدت ديناراً ، فكيف أصنع به ؟ قلت : تعرفه ؛ قال : سبحان
الله ! قلت : فما الرأي ؟ قال : أشتري به قميصاً وأعرفه ؛ قلت : إذن لا يعرفه أحدٌ
؛ قال : فذلك أريد
88 - قال الهيثم بن عدي :
كان أشعب مولى فاطمة بنت الحسين ، فأسلمته في البزّازين ، فقيل له : أين بلغت
معرفتك بالبزّ ؟ فقال : أحسن النشر ، وما أحسن أطوي ، وأرجو أن أتعلّم الطيّ
89 - وقال أشعب : رأيت في
النوم كأني أحمل بدرةً ، فمن ثقلها أحدثت ، فانتبهت ، فرأيت الحدث ولم أر البدرة
90 - قال عثمان بن عيسى
الهاشمي : كنت عند المعتز ، وكان قد كتب أبو أحمد ابن المنجّم إلى أخيه أبي القاسم
رقعةً يدعوه فيها ، فغلط الرسول ، فأعطاها لابن المعتز وأنا عنده ، فقرأها ، وعلم
أنّها ليست له ، فقلبها وكتب : ( دعاني الرسول ولم تدعني ** ولكن لعلّي أبو القاسم ) فأخذ الرسول
الرقعة ومضى ، وعاد عن قريب ، فإذا فيها مكتوب : ( أيا سيّداً قد غدا مفخراً ** لهاشم إذ هو من هاشم تفضّل وصدّق خطأ الرسول ** تفضل مولى على خادم )
( فما أن يطاق إذا ما
جددت ** وهزلك كالشهد للطاعم فدى لك من كل ما يتّقيه ** أبو أحمد وأبو القاسم )
قال : فقام ، ومضى إليه
91 - قال عثمان بن سعيد
الرزاي : حدّثني الثقة من أصحابنا ، قال : لمّا مات بشرٌ المريسي لم يشهد جنازته
من أهل العلم والسنّة أحدٌ إلا عبيد الشّونيزي ، فلمّا رجع من الجنازة لاموه ،
فقال : أنظروني حتى أخبركم ، ما شهدت جنازةً رجوت فيها من الأجر ما رجوت في شهود
جنازته ، إنّني لما قمت في الصف ، قلت : اللهمّ ! عبدك هذا كان لا يؤمن برؤيتك في
الآخرة ؛ اللهمّ ! فاحجبه عن النظر إلى وجهك يوم ينظر إليك المؤمنون ؛ اللهم ! عبدك هذا
كان لا يؤمن بعذاب القبر ، اللهمّ ! فعذبه اليوم في قبره عذاباً لم تعذبه أحداً من
العالمين ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الميزان ، اللهمّ ! فخفف ميزانه يوم
القيامة ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الشفاعة ؛ اللهمّ ! فلا تشفع فيه أحداً من
خلقك يوم القيامة ؛ قال : فسكتوا عنه وضحكوا
92 - دخل أبو حازم المسجد
، فوسوس له الشيطان أنّك قد أحدثت بعد وضوئك ؛ فقال : أو بلغ هذا من نصحك ؟ !
93 - قال المدائني : كان
المطلب بن محمدٍ على قضاءٍ مكة وقد كان عنده امرأة قد مات عنها أربعة أزواج ، فمرض
مرض الموت ، فجلست عند رأسه تبكي ، وقالت : إلى من توصي بي ؟ قال : إلى السادس
الشقيّ
94 - قال أبو العباس محمد
بن إسحاق الشاهد : سألت الزبير ابن البكار ، فقلت : منذ كم زوجتك معك ؟ فقال : لا
تسألني ، ليس يرد القيامة أكثر كباشاً منها ، ضحيت عنها بسبعين كبشاً
95 - عن عبد الرزّاق ، عن
أبيه ، أن حجراً المدري أمره محمد بن يوسف أن يلعن علياً ، فقال : إنّ الأمير محمد
بن يوسف أمرني أن ألعن علياً ، فالعنوه ؛ لعنه الله
قال : فعمّاها على
أهل المسجد ، فما فطن لها إلا رجلٌ واحدٌ
96 - قال القرشي : وامتحنت
الخوارج شيعيّاً ، فقال : أنا من عليّ ومن عثمان برئ
97 - قال مثنى : كان ابن
عونٍ في جيشٍ ، فخرج رجل من المشركين ، فدعا إلى البراز ، فخرج إليه ابن عون وهو
ملثم ، فقتله ، ثم اندسّ في الناس ، فجهد الوالي أن يعرفه ، فلم يقدر ، فنادى
مناديه :
أعزم على من قتل هذا
إلا جاءني ، فجاءه ابن عونٍ ، فقال : وما على رجلٍ أن يقول : أنا قتلته ؟
98 - قال شميرٌ : إنّ
رجلاً خطب امرأة وتحته أخرى ، فقالوا : لا نزوّجك حتى تطلّق ، فقال : اشهدوا أني
قد طلقت ثلاثاً ، فزوّجوه ، فأقام على امرأته ، فادعى القوم الطلاق ، فقال : أما
تعلمون أنّه كانت تحتي فلانةٌ بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى
وكانت تحتي فلانةٌ
بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى
وكانت تحتي فلانةٌ
فطلّقتها ؟ قالوا : بلى
قال : فقد طلّقت
ثلاثاً
فبلغ إلى عثمان ،
فجعلها نيّته
99 - قال علي بن عاصم :
دخلت على أبي حنيفة وعنده حجام يأخذ من شعره ، فقال للحجام : تتبع مواضع البياض ،
قال الحجام : لا ترد ، قال : ولم ؟ قال : لأنّه يكثر
قال : فتتّبع مواضع
السواد لعله يكثر
100 - دخل أبو
حنيفة على المنصور ، وكان أبو العباس الطوسي سيىء الرأي في أبي حنيفة ، فقال
الطوسي : اليوم أقتله
فقال : يا أبا حنيفة
! إن أمير المؤمنين يأمرني بقتل رجل لا أدري ما هو ؟ فقال أبو حنيفة : أمير
المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل ؟ قال : بالحق
قال : أنفذ الحق حيث
كان
101 - قال محمد
بن جعفر الإمامي : كان أبو حنيفة يتّهم
شيطان الطاق بالرجعة
، وكان شيطان الطاق يتهم أبا حنيفة بالتناسخ ، فخرج أبو حنيفة يوماً إلى السوق ،
فاستقبله شيطان الطاق ومعه ثوبٌ يريد بيعه ، فقال له أبو حنيفة : تبيع هذا الثوب
إلى رجوع علي ؟ فقال له : إن أعطيتني كفيلاً أنك لا تمسخ قرداً ، بعتك ؛ فبهت أبو
حنيفة
102 - ولمّا
مات جعفر بن محمد ، التقى هو وأبو حنيفة ، فقال له أبو حنيفة : أمّا إمامك فقد مات
فقال له شيطان الطاق
: أمّا إمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم
103 - قال محمد
بن مسلمة المديني : وقيل له : إن رأي أبي حنيفة دخل هذه الأمصار كلّها ولم يدخل
المدينة ؛ قال : لأنّ رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' على كل نقبٍ من
أنقابها ملكٌ يمنع الدّجّال من دخولها ' ،
وكلام هذا من كلام الدّجّالين ، فمن ثم لم يدخلها !
104 - قال أحمد
بن محمدٍ ، عن يحيى القطان : قال لي يزيد بن هارون : أنت أثقل عندي من نصف حجر
البزر ، قلت : لم لم تقل من الرّحى كله ؟ فقال : إنّه إذا كان صحيحاً تدحرج ، فإذا
كان نصفاً لم يرفع إلا بجهدٍ
105 - قال
المبرد : سأل المأمون يحيى بن المبارك عن شيءٍ ، فقال : لا ، وجعلني الله فداك
يا أمير المؤمنين ؛ فقال : لله درك ! ما وضعت واوٌ قطّ وضعاً أحسن منها في هذا الموضع
؛ ووصله وحمله
106 - عن أبي
سمي الزاهد ، عن إبراهيم بن أدهم ، إنّه كان في بعض السّواحل ومعه رفقاءٌ له ،
ومعهم حميرٌ لهم ، فجاء إليهم رجلٌ ، فقال : أريد أصحبكم وأكون معكم ؛ فكأنّهم
كرهوا ذلك ، فلما خرجوا إلى ساحل البحر والرّجل معهم ، قال إبراهيم بن أدهم للحمار
: زر ؛ فصاح الحمارٌ ، فانصرف الرّجل عنهم ، وقال : أنا ظننت فيكم خيراً ؛ فصرفوه
بهذا
107 - قال
عبدالله بن أحمد بن حربٍ : كلّم رجل عيسى بن موسى عند عبد الله بن شبرمة القاضي ،
فقال عيسى : من يعرفك ؟ قال : ابن شبرمة ، فقال : أتعرفه ؟ قال : إني لأعلم أن له
شرفاً وبيتاً وقدماً ؛ فلما خرج ابن شبرمة ، سئل عن ذلك ، فقال : أعلم أن له
أذنين مشرفتين ، وأنّ
له بيتاً يأوي إليه ، وقدماً يطأ عليها
108 - بلغنا
أنّ رجلين سعيا بمؤمن إلى فرعون ليقتله ، فأحضرهم فرعون ، فقال للسّاعيين : من
ربّكما ؟ قالا : أنت ! فقال للمؤمن : من ربك ؟ فقال : ربي ربّهما ! فقال لهما فرعون : سعيتما برجلٍ على ديني لأقتله !
فقتلهما
109 - قال
الأصمعيّ : أنشدت محمد بن عمران قاضي المدينة : ( يا أيها السائل عن منزلي ** نزلت
في الخان على نفسي يغدو عليّ الخبز من خابزٍ ** لا يقبل الرّهن ولا ينسي آكل من
كيسي ومن كسوتي ** حتى لقد أوجعني ضرسي ) فقال : اكتبه لي ؛ قلت : أصلحك الله ! إنّما يكتب هذا للأحداث ! فقال : ويحك !
اكتبه لي ، فإن الأشراف يعجبهم الملاحة
110 - امتحن
ابن أبي دؤاد الحارث بن مسكين أيام المحنة ، فقال له : أشهد أنّ القرآن مخلوقٌ ! فقال
الحارث : أشهد أنّ هذه الأربعة مخلوقةٌ ، وبسط أصابعه الأربع ؛ وقال : التوراة
والإنجيل والزّبور والفرقان ؛ فتخلّص
111 - قال رجلٌ
لأبي تمّام : لم لا تقول ما نفهم ؟ فقال : لم لا تفهمون ما أقول ؟ 112 - قال أحمد
ابن أبي طاهر : قال أبو هفّان ، ووصف
رجلاً ، فقال : هو
أثقل على القلوب من الموت على المعصية ! 113 - قال سفيان بن وكيع : سمعت سفيان بن عيينة
يقول : دعانا سفيان الثّوري يوماً ، فقدّم إلينا تمراً ولبناً خاثراً ، فلمّا
توسّطنا الأكل ، قال : قوموا بنا نصلي ركعتين شكراً لله
قال سفيان بن وكيع :
لو كان قدّم إليهم شيئاً من هذا اللوزينج المحدث ، لقال لهم : قوموا بنا نصلي
تراويح
114 - قال أبو
حاتم : أنشدنا الأصمعي : ( إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ** فأنت على يوم الشقاء قدير ) ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟ أخذته
من قول العيّارين : أكثر من التخم ، فإنّك على الجوع قادرٌ
115 - قال بكر بن
عبد الله المزني : أحوجٌ الناس إلى لطمةٍ من دعي إلى وليمةٍ فذهب معه بآخر ؛ وأحوج
الناس إلى لطمتين رجلٌ دخل دار قوم ، فقيل له : اجلس ههنا ، فقال : لا ! بل ههنا ؛
وأحوج النّاس إلى ثلاث لطماتٍ رجلٌ قدم إليه طعامٌ ، فقال : لا آكل حتى يجلس معي
ربّ البيت
116 - قال عمرو
بن عثمان : دخل المنصور قصراً ، فوجد في جداره كتاباً :
( ومالي لا أبكي بعينٍ
حزينةٍ ** وقد قربت للظّاعنين حمول ) وتحته مكتوبٌ : إيه إيه ؟ - قال أبو عمرو : ويروى آهٍ آهٍ - فقال المنصور : أيّ شيءٍ
إيه إيه ؟ فقال له الربيع ، وهو إذ ذاك تحت يدي أبي الخصيب الحاجب : يا أمير المؤمنين
! إنّه لمّا كتب البيت أحبّ أن يخبر أنّه يبكي . فقال : قاتله الله ما أظرفه
117 - قال أبو
الفضل الرّبعي : حدثني أبي ، قال : قال المأمون لعبد الله بن طاهر : أيّما أطيب :
مجلسي أو منزلك ؟ قال : ما عدلت بك يا أمير المؤمنين ! فقال : ليس إلى هذا ذهبت ،
إنّما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللّذّة ، قال : منزلي يا أمير المؤمنين
قال : ولم ذاك ؟ قال
: لأني فيه مالك وأنا ههنا مملوكٌ
118 - عن
الأصمعي ، قال : قال رجلٌ : ما رأيت ذا كبرٍ قطّ إلا تحوّل داؤه فيّ
يريد : إنّي أتكبّر
عليه
119 - بلغنا عن
بعض ولاة مصر أنّه كان يلعب بالحمام ، فتسابق هو وخادمٌ له ، فسبقه الخادم ، فبعث
الأمير إلى وزيره يستعلم الحال ، فكره الوزير أن يكتب إليه : إنّك قد سبقت ؛ ولم
يدر كيف يكني عن تلك الحال ، فقال كاتبٌ : ثم إن رأيت أن تكتب : ( يا أيّها المولى الذي جدّه ** لكلّ جدّ قاهرٌ
غالبٌ طائرك السّابق لكنّه ** أتى وفي خدمته حاجب ) فاستحسن ذلك ، وأمر له بجائزةٍ
، وكتب به
120 - أطال
الجلوس يوماً عند الواثق حسينٌ الخادم ، فقال له : ألك حاجةٌ ؟ قال : أمّا إلى
أمير المؤمنين فلا ، ولكن إلى الله تعالى أن يطيل بقاءه ويديم عزّه
121 - جاء رجلٌ
إلى أبي خازم القاضي ، فقال : إنّ الشيطان يأتيني ، فيقول : إنّك قد طلّقت امرأتك
، فيشككني ؛ فقال له : أو ليس قد طلقّتها ؟ قال : لا ! قال : ألم تأتني أمس فتطلّقها
عندي ؟ فقال : والله ما جئتك إلا اليوم ، ولا طلّقتها بوجهٍ من الوجوه ، قال :
فاحلف للشيطان كما حلفت لي ، وأنت في عافيةٍ
122 - كتب بعض
ملوك فارس على بابه : ' تحتاج أبواب الملوك إلى عقلٍ ومالٍ وصبرٍ ' فكتب بعض
الحكماء تحته : ' من كان عنده واحدةٌ من هذه الثلاث لم يحتج إلى أبواب الملوك '
فرفع خبره إلى الملك ، فقال : زه ! وأمر بإجازته ومحو الكتابه من الباب
123 - مرّ
الشّعبي بخيّاط ، فقال : يا خيّاط ! عندنا راقود قد انكسر ، تخيطه ؟ فقال له
الخيّاط : إن كان عندك خيوطٌ من ريحٍ خطته لك
124 - لمّا
حاصر خالد بن الوليد أهل الحيرة ، قال : ابعثوا لي رجلاً من عقلائكم ؛ فبعثوا عبد
المسيح بن عمروٍ ، وكان نصرانياً ،
فجاء ، فقال لخالد :
أنعم صباحاً أيها الملك ! فقال : قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه ، فمن أين أقصى
أثرك أيها الشيخ ؟ قال : من ظهر أبي ؛ قال : فمن أين خرجت ؟ قال : من بطن أمي ؛
قال : فعلام أنت ؟ قال : على الأرض ؛ قال : ففيم أنت ؟ قال : في ثيابي ؛ قال : أتعقل ؟ قال : أي والله ، وأقيّد ؛
قال : ابن كم أنت ؟ قال : أبن رجلٍ واحدٍ ؛ قال خالدٌ : ما رأيت كاليوم ، أسألك
الشيء وتنحو في غيره ! فقال : ما أنبأتك إلا عما سألتني
125 - قال
المبرّد : قال رجلٌ لهشام بن عمروٍ الفوطي : كم تعدّ ؟ قال : من واحدٍ إلى ألف ألف
؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم تعدّ من السّنّ ؟ قال : اثنان
وثلاثون ؛ ستة عشر من أعلى وستة عشر من أسفل ؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم لك من السنين ؟ قال : ما لي
منها شيءٌ ، كلها لله عز وجل ؛ قال : فما سنّك ؟ قال : عظمٌ ؛ قال : فابن كم أنت ؟
قال : ابن اثنين : أبٌ وأمٌ ؛ قال : فكم أتى عليك ؟ قال : لو أتى عليٌ شيءٌ لقتلني
؛ قال : فكيف أقول ؟ قال : قل : كم مضى من عمرك ؟ 126 - لقي الخوارجٌ رجلاً ،
فهمّوا بقتله ، فقال : أعهد إليكم في اليهود شيء ؟ قالوا : لا ! قال : فامضوا راشدين
127 - قال
الرشيد لأبي يوسف : ما تقول في الفالوذج
واللوزينج ؟ أيهما
أطيب ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ! لا أقضي بين غائبين ؛ فأمر بإحضارهما ، فجعل أبو
يوسف يأكل من هذا لقمةً ومن هذا لقمةً ، حتى نصف جاميهما ، ثمّ قال : يا أمير
المؤمنين ! ما رأيت خصمين أجدل منهما ، كلما أردت أن أسجل لأحدهما أدلى الآخر
بحجّته
128 - عن مطر
الورّاق ، قال : إذا سألت العالم عن مسالةٍ فحكّ رأسه ، فاعلم ، أنّ حماره قد بلغ
القنطرة
129 - وعنه
أيضاً أنّه قال : غضب عليّ أبي ، فأسلمني إلى الحاكة نصف يومٍ ، فأنا أعرف ذلك في
عقلي
130 - قال ابن
خلفٍ : حدّثني بعض أصحابنا قال : بلغني أنّ
الرشيد خرج متنزهاً ،
فانفرد من عسكره والفضل بن الرّبيع خلفه ، فإذا هو بشيخٍ قد ركب حماراً وفي يده
لجامٌ كأنّه مبعرٌ محشوٌ ، فنظر إليه فإذا رطب العينين ، فغمز الفضل عليه ، فقال
له الفضل : أين تريد ؟ قال : حائطاً لي
فقال : هل لك أن أدلك
على شيء تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة ؟ قال : ما أحوجني إلى ذلك ! فقال له : خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق
الكمأة ، فصيّره في قشر جوزةٍ واكتحل ، فإنّه يذهب عينيك
قال : فاتكأ على
قربوسه ، فضرط ضرطة طويلةٌ ، ثمّ قال : تأخذ أجرةٌ لصفتك ، فإن نفعتنا زدناك
قال : فاستضحك الرشيد
حتى كاد يسقط عن ظهر دابّته
131 - قال
المهدي لشريك : لو شهد عندك عيسى كنت تقبله ؟ وأراد أن يغري بينهما ؛ فقال : من
شهد عندي سألت عنه ، ولا يسأل عن عيسى إلا أمير المؤمنين ، فإن زكيّته قبلته
132 - دخل
الوليد بن يزيد على هشام [ بن عبد الملك ] ، وعلى الوليد عمامةٌ وشي ، فقال هشام :
بكم أخذتها ؟ قال : بألف درهم
فقال : هذا كثيرٌ ؛
قال : إنّها لأكرم أطرافي ، وقد اشتريت جاريةً بعشرة آلافٍ لأخسّ أطرافك ! 133 -
وقعت على يزيد بن المهلّب حيةٌ ، فلم يدفعها عنه ، فقال
له أبوه : ضيّعت
العقل من حيث حفظت الشجاعة
134 - قال عمارة
بن عقيل : قال ابن أبي حفصة الشاعر : أعلمت أنّ أمير المؤمنين ! يعني : المأمون
- لا يبصر الشعر ؟ فقلت : من ذا يكون أفرس منه ؟ والله إنّا لننشد أوّل البيت
فيسبق إلى آخره من غير أن يكون سمعه ؛ قال : إنّي أنشدته بيتاً أجدت فيه ، فلم أره
تحرك له ، وهذا البيت فاسمعه : ( أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلاً ** بالدّين
والنّاس بالدّنيا مشاغيل ) فقلت له : ما زدت أن جعلته عجوزاً في محرابها في يدها
سبحةٌ ، فمن يقوم بأمر الدّنيا إذا كان مشغولاً عنها وهو المطرق لها ؟ ألا قلت كما
قال عمّك جريرٌ لعبد العزيز بن الوليد : ( فلا هو في الدنيا مضيعٌ نصيبه ** ولا
عرضٌ الدنيا عن الدين شاغله ) 135 - بلغنا عن الرّشيد أنّه كان في داره حزمةٌ
خيزران ، فقال لوزيره الفضل بن الرّبيع : ما هذه ؟ فقال : عروق الرماح يا أمير
المؤمنين ؛ ولم يرد أن يقول : الخيزران لموافقته اسم أم الرّشيد
136 - قيل
للحسن بن سهل ، وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله : ليس في السرف خيرٌ ؛ فقال : ليس
في الخير سرفٌ
137 - رأى
الفتح بن خاقان شيئاً في لحية المتوكل ، فنادى : يا غلام ! مرآة أمير المؤمنين ؛
فجيء بها ، فقابل بها وجهه حتى أخذ ذلك الشيء بيده
138 - قال
الحسن بن علي بن مقلة : كان أبو علي ابن مقلة
يوماً يأكل ، فلمّا
رفعت المائدة ، وغسل يده ، رأى على ثوبه نقطةً صفراء من الحلواء التي كان يأكلها ،
ففتح الدواة ، واستمد منها ، ونقطها على الصفرة حتى لم يبق لها أثرٌ ، وقال : ذلك
عيبٌ ، وهذا أثر صناعةٍ ؛ ثم أنشد : ( إنّما الزّعفران عطر العذارى ** ومداد الدّوي عطر الرجال ) 139 - قال السلامي
الشاعر : دخلت على عضد الدولة ، فمدحته ، فأجزل عطيّتي من الثياب والدّنانير ،
وبين يديه جامٌ ، فرآني ألحظه ، فرمى به إليّ ، وقال : خذه ؛ فقلت : وكل خيرٍ
عندنا من عنده ؛ فقال عضد الدولة : ذاك أبوك ! فبقيت متحيّراً لا أدري ما أراد ؛
فجئت أستاذا لي ، فشرحت له الحال ؛ فقال : ويحك ! قد أخطأت خطيئة عظيمةً ، لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلباً حيث يقول : ( أنعت كلباً أهله في كدّه ** قد سعدت جدودهم بجدّه ( وكل خيرٍ عندهم من
عنده ) قال : فعدت متّشحاً بكساء ، ووقفت بين يدي الملك أرعد ، فقال : ما لك ؟ قلت
: حممت الساعة ، قال : هل تعرف سبب حمّاك ؟ قلت : نظرت في شعر أبي نواس ، فحممت ؛
قال : لا تخف ، لا بأس عليك من هذه الحمى ؛ فسجدت له ، وانصرفت
140 - قال يموت
بن المزرّع : جلس الجمّاز يأكل على مائدةٍ
بين يدي جعفر بن
القاسم ، وجعفر يأكل على مائدةٍ أخرى مع قومٍ ، وكانت الصحفة ترفع من بين يدي جعفر
فتوضع [ بين ] يديّ الجمّاز ومن معه ، فربّما جاء قليل وربما لم يجيء شيءٌ ، فقال
الجمّاز : أصلح الله الأمير ، ما نحن اليوم إلا عصبةٌ ، ربّما فضل لنا بعض المال ،
وربّما أخذه أهل السهام ولا يبقى لنا شيءٌ
141 - قال يموت
: وكان أبي والجمّاز يمشيان ، وأنا خلفهما ، فمررنا بإمام وهو ينتظر من يمرّ عليه
فيصلي معه ، فلمّا رآنا أقام الصلاة مبادراً ، فقال له الجمّاز : دع عنك هذا ،
فإنّ رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] نهى أن يتلقّى الجلب
142 - قال
عافية بن شبيبٍ : لما دخل الجمّاز على المتوكل ، قال له : تكلّم ، فإنّي أريد أن
أستبرئك ؛ فقال : له الجمّاز : بحيضةٍ أو حيضتين ؟ فضحك الجماعة
فقال له الفتح [ بن خاقان
] : قد كلّمت أمير المؤمنين فيك حتى ولاّك جزيرة القرود ؛ فقال الجمّاز : أفلست في
السمع والطاعة أصلحك الله ؟ فحصر الفتح وسكت ، فأمر له المتوكل بعشرة آلاف درهم ،
فأخذها وانحدر ، فمات فرحاً بها
143 - قال أحمد
بن المعدل : كنت جالساً عند
عبد الملك بن عبد
العزيز الماجشون ، فجاءه بعضٌ جلسائه ، فقال : أعجوبةٌ ! قال : ما هي ؟ قال : خرجت إلى حائطي بالغابة ، فلمّا أصحرت وبعدت عن البيوت
، تعرّض لي رجلٌ ، فقال : اخلع ثيابك ! قلت : وما يدعوني إلى خلع ثيابي ؟ قال :
أنا أولى بها منك ، قلت : ومن أين ؟ قال : لأني أخوك وأنا عريانٌ وأنت مكتسٍ ؛ قلت
: فالمواساة ! قال : كلا ، قد لبستها برهةٌ ، وأنّا أريد أن ألبسها كما لبستها ؛
قلت : فتعريني وتبدي عورتي ؟ قال : لا بأس بذلك ، فقد روّينا عن مالك أنّه قال :
لا بأس للرّجل أن يغتسل عرياناً ؛ قلت : فيلقاني الناس فيرون عورتي ؟ ! قال : لو
كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها ؛ فقلت : إني أراك ظريفاً ، فدعني
حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب ، وأوجه بها إليك ؛ قال : كلا ، أردت أن توجه
إلى أربعةً من عبيدك ، فيحملوني إلى السلطان ، فيحبسني ، ويمزق جلدي ، ويطرح في رجلي
القيد ؛ قلت : كلا ، أحلف لك أيماناً أني أفي لك بما وعدتك ولا أسؤوك ! قال :
كلا ! إنّا روّينا عن مالك أنّه قال : لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص ؛ قلت
: فأحلف لك إنّي لا أحتال في أيماني هذه ؛ قال : هذه يمين مركبةٌ على أيمان اللصوص
؛ قلت : فدع المناظرة بيننا ، فوالله لأوجّهن إليك هذه الثياب طيبةٌ بها نفسي ؛
فأطرق ، ثم رفع رأسه ، وقال : تدري فيم فكرت ؟ قلت : لا ؛ قال : تصفحت أمر اللصوص
من عهد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وإلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ نسيئةٌ ، وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعةً
يكون عليّ وزرها ووزر من
عمل بها بعدي إلى يوم
القيامة ، اخلع ثيابك ؛ فخلعتها ودفعتها إليه
144 - شاهد
عبيد الله بن محمدٍ الخفّاف لصّاً قد أخذ ، وشهد عيه أنّه كان يفشّ الأقفال في
الدور اللطاف ، فإذا دخل ، حفر في الدار حفرةً لطيفةً كأنّها بئر النرد ، وطرح
فيها جوزاتٍ كأنّه يلاعب إنساناً ، وأخرج منديلاً فيه نحو مئتي جوزةً ، فتركه إلى
جانبها ، ثم يكور جميع ما يطيق حمله ، فإن لم يفطن به خرج ، وإن جاء صاحب الدار
ترك القماش وأفلت ، وإن كان صاحب الدار جلداً ، فواثبه ، وصاح : اللصوص ! واجتمع
الجيران ، أقبل عليه ، وقال : ما أبردك ! أنا أقامرك بالجوز منذ شهور ، قد أفقرتني وأخذت كل ما
أملكه ، لأفضحنّك بين جيرانك ، لمّا قمرتك الآن تصيح ! يا غثّ ! يا بارد ! بيني وبينك
دار القمار ، قل قد ضغوت حتى أخرج ! فيقول الجيران : إنّما يريد أن لا يفضح نفسه
بالقمار ، فقد ادعي على ذا اللصوصية ؛ فيحولون بينهما ، ويخرجون اللص
145 - دخل لصٌ
بيت قوم ، فلم يجد فيه شيئاً ، فكتب على الحائط : ' عزّ علي فقركم وغناي '
146 - دخل لصٌ
داراً ، فأخذ ما فيها وخرج ، فقال صاحب الدار : ما أنحس هذه الليلة ! فقال اللص :
ليس على كل أحدٍ
147 - قال أبو
حاتم : أنشدنا الأصمعي : ( إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ** فأنت على يوم الشقاء قدير ) ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟ من قول
العيّارين : أكثر من التخم ، فأنت على الجوع قادر
148 - قال
إسحاق بن إبراهيم القزاز : كنّا عند بندار ، فقال في حديث : عن عائشة ، قال : قالت
رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال له رجلٌ يسخر منه : بالله ما أفضحك !
فقال : كنّا إذا خرجنا من عند روحٍ دخلنا على أبي عبيدة ، قال : فقد بان
ذلك عليك
149 - قال
الأصمعي : كان بعض الكرماء في مجلسه وعنده جماعةٌ ، فضرط رجلٌ من جلسائه ، فانقبض
لذلك ، واغتمّ بانقباضه صاحب المجلس ، فلمّا كان من الغد ، أمر فترك تحت الفرش
نفّاخة السمك ، فلمّا جلس الناس عنده تفرقعت من تحت الجلساء ، فقال :
ما هذا ؟ انظروا !
فأخرجت وقد انشقّت ، فقال : هذا بالأمس ، وهذا اليوم ! وأمر بصفع الفراشين ، فزالت
الظنّة عن الضّارط ، وبرئت ساحته . 150 - قال أبو أحمد العسكري : حدثني شيخٌ من
شيوخ بغداد ، قال : كان حيّان بن بشرٍ قد ولي قضاء بغداد وقضاء إصبهان أيضاً ،
وكان من جلّة أصحاب الحديث ، فروى يوماً أنّ عرفجة قطع أنفه يوم الكلام ! وكان
مستمليه رجلاً يقال له : كجّة ، فقال : أيّها القاضي ! إنّما هو يوم الكلاب ؛ فأمر بحبسه ، فدخل إليه الناس ، وقالوا : ما
الذي دهاك ؟ فقال : قطع أنف عرفجة في الجاهلية ، وامتحنت أنا به في الإسلام
151 - قال محمد
بن حفص جارُ بشر : دخلنا على بشر بن الحارث وهو مريضٌ ، فقال له رجلٌ : أوصني !
فقال : إذا دخلت إلى مريضٍ فلا تطل القعود عنده
152 - دفع أبو
الطّيب الطبري خفاً إلى خفاف ليصلحه ، فكان كلّما مرّ عليه يتقاضاه ، وكان الخفّاف
كلما رأى القاضي أخذ الخف وغمسه في الماء ، وقال : الساعة الساعة ؛ فلمّا طال عليه ، قال له : إنّما دفعته إليك لتصلحه ،
ولم أدفعه إليك لتعلّمه السباحة ! 153 - قال عبدالله بن البوّاب : كان المأمون يحلم
حتى يغيظنا في بعض الأوقات ؛ جلس يستاك على دجلة من وراء ستر ونحن قيامٌ
بين يديه ، فمرّ
ملاّحٌ وهو يقول : أتظنّون أنّ هذا المأمون ينبل في عيني وقد قتل أخاه ؟ قال :
فوالله ما زاد على أن تبسّم ، وقال لنا : ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل ؟ ! 154 - قال أبو الحسن
المدائني : قال بعض أهل العلم : كان لنا صديقٌ من أهل البصرة ، وكان ظريفاً أديباً
، فوعدنا أن يدعونا إلى منزله ، فكان يمرّ بنا ، فكلما رأيناه قلنا له : ! ( متى
هذا الوعد إن كنتم صادقين ) ! [ 21 سورة الأنبياء / الآية : 38 ]
فيسكت إلى أن اجتمع
ما نريد ، فمرّ بنا ، فأعدنا عليه ، فقال : ! ( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ) !
[ 77 سورة المرسلات / الآية : 29 ]
155 - قال
الزهري : سمعت سعيد بن المسيب يقول لرجل : ألك امرأةٌ إذا أخذتها قالت لك : قتلتني
؟ قال : نعم ! قال : فاقتلها ، فإن ماتت ، فعلي ديتها
156 - قال أبو
محمدٍ عبد الله بن علي المقرئ : كان حاجب الباب ابن النسوي ذكياً ، فسمع في بعض
ليالي الشتاء بصوت برّادةٍ ، فأمر بكبس الدّار ، فأخرجوا رجلاً وامرأة ، فقيل له :
من أين علمت ؟ فقال : في الشتاء لا يبرّد الماء ، وإنّما هذه علامةٌ بين هذين . 157 - كان
لأحمد بن الخصيب وكيلٌ في ضياعه ، فرفعت عليه جنايةٌ ، فهرب ، فكتب إليه أحمد يؤنسه
ويحلف له على بطلان ما اتصل به ، ويأمره بالرّجوع ، فكتب إليه :
( أنّا لك عبدٌ سامعٌ
ومطيعٌ ** وإنّي بما تهوى إليك سريع ولكن لي كفّاً أعيش بفضلها ** فما أشتري إلا
بها وأبيع أأجعلها تحت الرّحى ثمّ أبتغي ** خلاصاً لها ! إنّي إذن لرقيع ) 158 - وروّينا أنّ المتوكل قال : أشتهي
أنادم أبا العيناء لولا أنّه ضريرٌ ؛ فقال أبو العيناء : إن أعفاني أميرُ المؤمنين
من رؤية الهلال ونقش الخواتيم فإني أصلح
159 - وقيل
لأبي العيناء : بقي من يلقى ؟ قال : نعم ! في البئر
160 - قال علي
بن سليمان الأخفش : سمعت أبا العيناء يقول : كنت يوماً في الورّاقين ، إذ رأيت
منادياً مغفّلاً ، في يده مصحف مخلّق الأداة ، فقلت له : ناد عليه بالبراءة ممّا فيه ؛ وأنا أعني أداته ، فأقبل ينادي بذلك ، فاجتمع
أهل السّوق والمارّة على المنادي ، وقالوا لهُ : يا عدوّ الله ! تنادي
على مصحف بالبراءة ممّا فيه
قال : وأوقعوا به ،
فقال لهم : ذلك الرّجل القاعد أمرني بذلك ؛ فتركوا المنادي ، وأقبلوا عليّ ،
ورفعوني إلى الوالي ، وكتب في أمري إلى السلطان ، فأمر بحملي ، فحملت مستوثقاً مني
، واتصل خبري بابن أبي داؤدٍ ، فلم يزل يتلطّف في أمري حتى خلّصني
161 - قال أبو
العيناء : كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها ، أني مررت بسوق النّخّاسين
يوماً ، فرأيت غلاماً ينادي عليه
وقد بلغ ثلاثين
ديناراً وهو يساوي ثلاث مئة دينار ، فاشتريته ، وكنت أبني داراً ، فدفعت إليه
عشرين ديناراً على أن ينفقها على الصّناع ، فجاءني بعد أيّام يسيرةٍ ، فقال : قد
نفدت النّفقة ، قلت : هات حسابك ؛ فرفع حساباً بعشرة دنانير ، قلت : فأين الباقي ؟
قال : اشتريت به ثوباً مصمتاً وقطعته ، قلت : ومن أمرك بهذا ؟ قال : يا مولاي ! لا
تعجل ، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود
بالزّين على مواليهم ؛ فقلت في نفسي : أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم !
قال : وكانت في نفسي امرأةٌ
أردت أن أتزوّجها سرّاً من ابنة عمي ، فقلت له يوماً : أفيك خيرٌ ؟ قال : إي لعمري
؛ فأطلعته على الخبر ، فقال : أنا نعم العون لك ؛ فتزوجت ، ودفعت إليه ديناراً ،
فقلت له : اشتر لنا كذا وكذا ، ويكون فيما تشتريه سمكٌ هازبى ؛ فمضى ، ورجع وقد اشترى
ما أردت ، إلا أنّه اشترى سمكاً مارماهى ، فغاظني ، فقلت : أليس أمرتك أن تشتري
هازبى ؟ قال : بلى ! ولكنّي رأيت بقراط يقول : إنّ الهازبى يولّد السّوداء ويصف
المارماهى ؛ ويقول : إنّه أقل غائلةً ؛ فقلت : أنا لم أعلم إني اشتريت جالينوس ؟ ! وقمت
إليه ، فضربته عشر مقارع ، فلمّا فرغت من ضربه ، أخذني وأخذ المقرعة ، وضربني سبع مقارع
، وقال : يا مولاي ! الأدب ثلاث ، والسبع فضلٌ ، ولذلك قصاصٌ ، فضربتك هذه السبع
خوفاً عليك من القصاص يوم القيامة ؛ فغاظني جدّاً ، فرميته ، فشجحته ، فمضى من
وقته إلى ابنة عمي ، فقال لها : يا مولاتي ! الدين النصيحة ، وقد قال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : ' من غشّنا
فليس منا ' وأنا أعلمك أنّ مولاي قد تزوّج
واستكتمني ، فلمّا
قلت له : لا بدّ من إعلام مولاتي ، ضربني بالمقارع ، وشجّني ؛ فمنعتني بنت عمّي من
دخول الدار ، وحالت بيني وبين ما فيها ، فلم أر الأمر يصلح إلاّ بأن طلقت المرأة
التي تزوّجتها ، فصلح أمري مع ابنة عمّي وسمّت الغلام ، ' النّاصح ' ، فلم يتهيّأ لي أن أكلّمه ، فقلت : أعتقه
وأستريح ، لعلّه أن يمضي عنّي ؛ فأعتقته ، فلزمني ؛ قال : الآن وجب حقّك عليّ ؛
ثمّ إنّه أراد الحجّ ، فجهّزته وزوّدته ، وخرج ، فغاب عليّ عشرين يوماً ، ثمّ رجع
، فقلت له : لم رجعت ؟ قال : قطع الطريق ، وفكّرت ، فإذا الله تعالى يقول : ! (
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ! [ 3 سورة آل عمران / الآية : 97 ]
وكنت غير مستطيع ،
وفكرت ، فإذا حقك عليّ أوجب ، فرجعت ؛ ثم أراد الغزو ، فجهزته ، فشخص ، فلمّا غاب
عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقارٍ وغيره ، وخرجت عنها خوفاً أن يرجع
162 - وسئل أبو
العيناء عن حماد بن زيدٍ بن درهم ، وحمّاد بن سلمة بن دينار ، فقال : بينهما في
القدر ما بين أبويهما في الصرف
163 - وشكى بعض
الوزراء كثرة الأشغال ، فقال أبو العيناء : لا أراني الله يوم فراغك
164 - وشكى أبو
العيناء إلى عبيد الله بن سليمان تأخّر رزقه ، فقال : ألم نكن كتبنا لك إلى فلانٍ
، فما فعل في أمرك ؟ قال : جرّني
على شوك المطل ؛ قال
: أنت اخترته ؛ قال : وما علي وقد اختار موسى قومه سبعين رجلاً ، فما كان فيهم
رشيدٌ ، فأخذتهم الرجفة ، واختار رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ابن أبي سرح كاتباً ، فلحق بالكفّار مرتدّاً
واختار عليّ أبا موسى ، فحكم عليه ؟ !
165 - قال بعض
العلويّة لأبي العيناء : أنت تبغضني ، ولا تصحّ صلاتك إلاّ بالصّلاة عليّ ، لأنّك تقول :
اللّهم صلّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ ، قال : إذا قلت : ' الطّيّبين ' خرجت منهم
166 - وقال له
رجل : أشتهي أرى الشيطان ، قال : انظر في المرآة
167 - كان علي
بن عيسى الرّبعي يمشي على جانب دجلة ، فرأى الرّضيّ والمرتضى في سفينةٍ ، ومعهما
عثمان بن جنّي ، فقال : من أعجب أحوال الشّريفين أن يكون عثمان جالساً بينهما
وعليّ يمشي على الشط بعيداً عنهما
168 - دخل حميد
الطوسي على المأمون وعنده بشرٌ المريسيّ ، فقال المأمون لحميد : أتدري من هذا ؟
قال : لا ! قال : هذا بشرٌ المريسيّ ؛ فقال حميدٌ : يا أمير المؤمنين ! هذا سيّد الفقهاء ، هذا قد رفع عذاب القبر ومسألة
منكر ونكير ، والميزان والصّراط ، انظر هل يقدر أن يرفع الموت فيكون سيّد الفقهاء
حقّاً ؟ !
169 - قال
السري : اعتللت بطرطوس علة الذرب ، فدخل عليّ هؤلاء القرّاء يعودوني ، فجلسوا ،
فأطالوا ، فآذاني جلوسهم ، ثمّ قالوا : إن رأيت أن تدعو الله ؟ فمددت يدي ، فقلت :
الّلهمّ علّمنا أدب العيادة
170 - قال عبد
الله بن سليمان بن الأشعث ؛ سمعت أبي يقول : كان هارون الأعور يهودياً ، فأسلم
وحسن إسلامه ، وحفظ القرآن والنحو ، فناظره إنسانٌ في مسألة ، فغلبه هارون ، فلم
يدر المغلوب ما يصنع ، فقال له : أنت كنت يهودياً فأسلمت ، فقال هارون : فبئس ما
صنعت ؟ ! فغلبه في هذا أيضاً
171 - قال
المبرّد : ضاف رجلٌ قوماً ، فكرهوه ، فقال الرجل لامرأته : كيف نعلم مقدار مقامه ؟
فقالت : ألقِِ بيننا شرّاً حتى نتحاكم إليه ، ففعل ، فقالت للضّيف : بالذي يبارك
لك في غدوّك غداً ، أيّنا أظلم ؟ فقال الضّيف : والذي يبارك لي في مقامي عندكم شهراً ما أعلم
172 - لما دخل
أبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي بيت المقدس ، قصد أبا عثمان ابن ورقاء ، فطلب
منه جزءاً ، فوعده به ، ثم
رجع ورجع مرّات ،
والشيخ ينسى ، فقال له أبو محمدٍ : أيّها الشيخ ! لا تنظر إليّ بعين الصّبوة ، فإن
الله تعالى قد رزقني من هذا الشأن ما لم يرزق أبا زرعة الرّازي
فقال الشيخ : الحمد
لله
ثم رجع إليه في طلب الجزء
، فقال الشيخ : أيّها الشاب ! إنّي طلبت البارحة الأجزاء ، فلم أر جزءاً يصلح لأبي
زرعة الرّازي ! فخجل وقام
173 - كان أبو
الحسين بن المتيّم الصوفي يسكن الرّصافة ، وكان مطبوعاً مضحاكاً ، وكان دائماً
يتولّع برجلٍ شاهد فيه غفلةً ، يعرف بأبي عبد الله إلكيا
قال ابن المتيّم : فلقيته
يوماً في شارع الرصافة ، فسلّمت عليه ، وصحت به : لتشهد عليّ ؛ فاجتمع النّاس
علينا ، فقال : بماذا ؟ قلت : إن الله تعالى إله واحدٌ لا إله إلا هو وأنّ محمداً
عبده ورسوله ، وأن الجنّة حقّ ، والنّار حقّ ، والسّاعة آتيةٌ لا ريب فيها ، وأنّ
الله يبعث من في القبور ؛ فقال : أبشر يا أبا الحسين ! سقطت عنك الجزية ، وصرت
أخاً من إخواننا
فضحك النّاس وانقلب
الولع بي
174 - استأجر
رجلٌ رجلاً يخدمه ، فقال له : كم أجرتك ؟ قال : شبع بطني ؛ فقال له : سامحني ؛
فقال : أصوم كل اثنين وخميس
175 - قال
الجاحظ : كنت مجتازاً في بعض الطرق فإذا أنا برجلٍ قصيرٍ بطينٍ كبير الهامة ،
متّزرٍ بمئزرٍ وبيده مشطٌ ، يسقي به شقةً ، ويمشطها به ؛ فاستزريته ، فقلت : أيها
الشيخ ! قد قلت فيك
شعراً ؛ فترك المشط
من يده ، وقال : هات ؛ فقلت : ( كأنّك صعوةٌ في أصل حشّ ** أصاب الحشّ طشٌ بعد رش
) فقال لي : اسمع الجواب ؛ قلت : هات ! فقال : ( كأنّك كندنٌ في ذنب كبش ** يدلدل
هكذا والكبش يمشي ) 176 - منع عمرو بن العاص أصحابه ما كان يصل إليهم ؛ فقام إليه
رجلٌ ، فقال له : اتّخذ جنداً من الحجارة لا تأكل ولا تشرب ؛ فقال له عمرو : اخسأ
أيّها الكلب
فقال له الرجل : أنا
من جندك ، فإن كنت كلباً فأنت أمير الكلاب وقائدها
177 - قال رجلٌ
لغلامه : يا فاجر ! فقال : مولى القوم منهم
178 - قال
الصّاحب بن عباد : جئت من دار السلطان ضجراً من أمر عرض لي ؛ فقال لي رجلٌ : من
أين أقبلت ؟ فقلت : من لعنةِ الله ؛ فقال : ردّ الله عليك غربتك
179 - قال
شيخنا أبو منصور ابن زريق : كان رجلٌ من
الأصبهانّيين قد لازم
أبي يسمع منه الحديث ، فأضجره ، فخرج أبي يوماً ، فتبعه الأصبهانيُّ ، وقال له :
إلى أين ؟ قال : إلى المطبق ، قال : وأنا معك
180 - قال رجلٌ
لرجلٍ : بماذا تداوي عينك ؟ قال : بالقرآن ودعاء العجوز ؛ فقال : اجعل معهما شيئاً
من أنزروت
181 - قال
الأصمعي : رأيت رجلاً قاعداً في زمن الطّاعون يعدّ الموتى في كوزٍ ، فعدّ أوّل يوم
عشرين ومئة ألفٍ ، وعدّ في اليوم الثاني خمسين ومئة ألفٍ ؛ فمرّ قومٌ بميتّهم وهو
يعدّ ، فلما رجعوا إذا عند الكوز غيره ، فسألوا عنه ، فقالوا : هو في الكوز
182 - قال جعفر
بن يحيى لبعض جلسائه : أشتهي والله أن أرى إنساناً تليق به النعّمة ؛ فقال : أنا أريك ؛ قال : هات ؛
فأخذ المرآة وقرّبها من وجهه
183 - قال أبو
الحسن السّلاميّ الشاعر : مدح الخالديان سيف الدّولة ابن حمدان بقصيدةٍ أوّلها : (
تصدّ ودارها صدد ** وتوعده ولا تعد وقد قتلته ظالمةً ** فلا عقلٌ ولا قود ) وقال فيها
في مدحه : ( فوجهٌ كلّهُ قمرٌ ** وسائر جسمه أسد ) فأعجب بها سيف الدّولة واستحسن
هذا البيت ، وجعل يردّده ؛ فدخل عيه الشّيظميُّ الشاعر ، فقال له : اسمع هذا البيت
؛ وأنشده ؛ فقال الشيظميُّ : احمد ربّك ! فقد جعلك من عجائب البحر
184 - سئل
جحظةُ عن دعوة حضرها ، فقال : كلُّ شيءٍ كان منها بارداً إلاّ الماء
185 - قال
شاعرٌ لشاعر : أنا أقول البيت وأخاه ، وأنت تقوله وابن عمّه
186 - قال أبو
حنيفة السائح : لقيت بهلول المجنون وهو يأكل في السوق ، فقلت : يا بهلول ! تجالس
جعفر بن محمدٍ ، وتأكل في السوق ؟ ! فقال : حدّثنا مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن
عمر ، قال : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : ' مطل الغني ظلمٌ '
ولقيني الجوع وخبزي في كمي ، فما أمكنني أماطله
187 - قال عليّ
بن الحسين الرّازي : مرّ بهلول بقومٍ في أصل شجرةٍ ، فقالوا : يا بهلول ! تصعد هذه
الشجرة وتأخذ عشرة دراهم ؟ فقال : نعم ؛ فأعطوه عشرة دراهم ، فجعلها في كمّه ، ثمّ
التفت إليهم ، فقال : هاتوا سلّماً ؛ فقالوا : لم يكن هذا في شرطنا ! قال : كان في
شرطي
188 - ومرّ
بهلول بسويق البزّازين ، فرأى قوماً مجتمعين على باب دكّانٍ قد نقب ، فنظر فيه ،
وقال : ما تعلمون من عمل هذا ؟ قالوا : لا ، قال : فأنا أعلم
فقالوا : هذا مجنونٌ
، يراهم بالليل ولا يتحاشونه ، فالطفوا به لعلّه يخبركم ؛ فقالوا : خبرنا ؛ قال :
أنا جائع ؛ فجاؤه بطعام سني وحلواء ، فلمّا شبع ، قام ، فنظر في النّقب ، وقال :
هذا عمل اللّصوص
189 - وسئل
بهلول عن رجلٍ مات وخلّف ابناً وبنتاً وزوجةً ، ولم يترك شيئاً ؛ فقال : للابن
اليتم ، وللبنت الثكل ، وللزوجة خراب البيت ، وما بقي للعصبة
190 - ودخل
بهلول وعليّان المجنون على موسى ابن المهديّ ، فقال لعليّان : إيش معنى عليّان ؟
فقال عليّان : فإيش معنى موسى ؟ فقال : خذوا برجل ابن الفاعلة ؛ فالتفت عليّان إلى
بهلول ، فقال : خذ إليك ، كنّا اثنين صرنا ثلاثة
191 - بعث بلال
بن أبي بردة إلى ابن أبي علقمة المجنون ، فلمّا جاء قال له : أحضرتك لأضحك منك !
فقال المجنون : لقد ضحك أحد الحكمين من صاحبه ؛ يعرض بأبي موسى
192 - قال أبو
جعفر محمد بن جعفر البربي : مررت بسائل على الجسر وهو يقول : مسكيناً ضريراً ؛
فدفعت إليه قطعة
وقلت لهُ : لم نصبت ؟
فقال : فديتك ! بإضمار ' ارحموا '
193 - قال محمد
بن القاسم : سئل بعض المجّان ، فقيل لهُ : كيف أنت في دينك ؟ فقال : أخرقه
بالمعاصي ، وأرقعه بالاستغفار
194 - صحب
مجوسي قدرياً ، فقال له القدري : مالك لا تسلم ؟ قال : حتى يريد الله ! قال : قد
أراد ذلك ، ولكن الشّيطان لا يريده ؛ قال : فأنا مع أقواهما
195 - قال محمد
بن سكرة : دخلت حماماً ، وخرجت وقد سرق مداسي ، فعدت إلى داري حافياً ، وأنا أقول
: ( إليك أذم حمّام ابن موسى ** وإن فاق المنى طيباً وحرّا تكاثرت اللّصوص عليه
حتى ** ليحفى من يطيف به ويعرى )
( ولم أفقد به ثوباً
ولكن ** دخلت محمداً وخرجت بشراً ) 196 - جهل رجل على بعض العلماء ، فقال العالم :
جرح العجماء جبار
197 - قال محمد
بن يوسف القطان : يحكى أن أبا الحسين الطّرائفي لمّا رحل إلى عثمان بن سعيد
الدّرامي ، فدخل عليه ، قال له عثمان : متى قدمت هذا البلد ؟ فأراد أن يقول : أمس
، فقال : قدمت غداً
فقال له عثمان : فأنت
بعد في الطريق
198 - جاء رجل
إلى ابن عقيل ، فقال له : إني أغتمس في النهر غمستين وثلاثاً ولا أتيقّن أنه قد
عمّني الماء ولا أني قد تطهّرت ! فقال له : لا تصل
قيل له : كيف قلت هذا
؟ قال : لأن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' رفع القلم عن المجنون حتى يفيق ' ومن ينغمس في النهر مرّتين وثلاثاً
ويظن أنه ما اغتسل ، فهو مجنون
199 - قال عبد
الرّحمن بن صالح : دخل أبو بكر ابن عيّاش على موسى بن عيسى وهو على الكوفة ، وعنده عبد
الله بن مصعب الزّبيري ، فأدناه موسى ، ودعا له بتكاء ، فاتّكأ وبسط رجليه ، فقال
الزّبيري : من هذا
الذي دخل ولم يستأذن له ، ثم اتّكأته وبسطته ؟ قال : هذا فقيه الفقهاء والمرأس عند
أهل المصر ، أبو بكر ابن عيّاش ؛ قال الزّبيري : فلا كثير ولا طيب ، ولا مستحق لما
فعلت به ! فقال أبو بكر للأمير : من هذا الذي يسأل عني بجهل ، ثم تتابع بسوء قول
وفعل ؟ فنسبه له ، فقال له : اسكت مسكتاً ! فبأبيك غدر ببيعتنا ، وبقول الزور خرجت
أمّنا ، وبابنه هدمت كعبتنا ، وبك أحرى ان يخرج الدّجّال فينا ؛ فضحك موسى حتى فحص
برجليه ، وقال للزّبيري : أنا والله أعلم أنّه يحفظ أهلك وأباك ويتولاه ، ولكنّك
مشؤوم على آبائك
200 - دخل
كلثوم بن عمرو العتّابي على المأمون وعنده إسحاق الموصلي ، فغمز المأمون إسحاق
عليه ، فجعل العتّابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فيه إسحاق ، فقال له العتّابي : ما
اسمك ؟ فقال : كل بصل ؛ قال : هذا اسم منكر
قال : أتنكر أن يكون
اسمي كل بصل واسمك كل ثوم ! والبصل أطيب من الثوم ! ؟ فقال : أظنك إسحاق ! فقال :
نعم ؛ فتوادّا
201 - خرج
الرشيد يوماً في ثياب العوام ومعه يحيى بن خالد وخالد الكاتب وإسحاق بن إبراهيم
الموصلي وأبو نواس وعليهم ثياب العامة ، فنزلوا سهرية مع ملاّح غريب اختلاطا
بالعوام
فنزل معهم
عامي ، فثقل على
الرشيد ، وهمّ بإخراجه وعقوبته ، فقال أبو نواس : عليّ إخراجه من غير إساءةٍ إليه
؛ فقال أبو نواس للجماعة : عليّ مأكولكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ فقال الرشيد :
وعليّ مشروبكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ وقال يحيى : عليّ مشمومكم من اليوم وإلى
يوم مثله ؛ وقال خالد : عليّ بقلكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ وقال إسحاق : عليّ أن
أغنيكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ ثمّ التفت أبو نواس إلى الرجل ، فقال : ما الذي
لنا عليك أنت ؟ فقال : عليّ أن لا أفارقكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ فقال الرشيد :
هذا ظريفٌ لا يحسن إخراجه ، فصحبهم في تفرّجهم بقيةً يومهم
202 - تغدى
أعرابيٌ مع مزبدٍ ، فقال له مزبد : كيف مات أبوك ؟ فأخذ يحدثه بحاله وأخذ مزبّد
يمضي في أكله ، فلمّا فطن الأعرابي ، قطع الحديث ، وقال له : أنت ! كيف مات أبوك ؟
فقال : فجأة ؛ وأخذ يأكل
203 - قال
سفيان الثّوري : ما نظرت قطّ إلى ثقيل أو بغيضٍ إلا كحّلت عينيّ بماء وردٍ مخافة
أن يكون قد التصق بها شيءٌ
204 - قال بعض
المجّان : قال إبليس : لقيت من أصحاب البلغم شزّةً ، ينسون ويلعنوني !
205 - قال
الجمّاز : قال لي أبو كعب القاص : والدتي بالبصرة ، وأنا شديد الشّفقة عليها ،
وأخاف إن حملتها إلى بغداد في الماء أن تغرق ، وإن حملتها على الظّهر أن تتعب ،
فما تشير عليّ في أمرها ؟ فقلت له : أشير عليك أن تأخذ بها سفتجةً
206 - قال محمد
بن حرب الهلالي : أتيت بمزبدٍ في تهمةٍ ، فضربته سبعين درّةً ، ثمّ تبيّن لي أنّه
كان مظلوماً ، فدعوته ، وقلت : أحلنّي منها ، فقال : لا تعجل ، ودعها لي عندك ، فإنّي أجيء إليك
كثيراً ، فكلّما وجب عليّ شيءٌ قاصصتني عليها
فكنت أوتى به في
الشيء الذي يجب عليه فيه التقويم ، فأحاسبه على العشرة منها وعلى الخمسة ، حتى
استوفى
207 - قال الحسين
بن فهم : كان المرتمي - مضحك الرّشيد - يأكل قبل طلوع الشمس ، فقيل له : لو انتظرت
حتى تطلع الشمس ! فقال : لعنني الله إن انتظرت غائباً من وراء سمرقند ، لا أدري ما
يحدث عليه في الطريق
208 - قال أبو
العيناء : دفع الجمّاز إلى غسّال ثياباً ، فدفع إليه
أقصر منها ، فطالبه ،
فقال : لمّا غسلت تشمّرت
قال : ففي كم غسلةٍ
يصير القميص زنقاً
209 - نزل
عيارٌ في شاروفة الدّار فانقطعت ، فوقع ، فانكسرت رجله ؛ فصاحت المرأة : خذوه ؛
فقال لها : ما عليك عجلةٌ ، أنا عندك اليوم وغداً وبعده
210 - قال
سليمان الأعمش لابنه : اذهب فاشتر لنا حبلاً يكون طوله ثلاثين ذراعاً ، فقال : يا
أبةِ ! في عرض كم ؟ قالك في عرض مصيبتي فيك
211 - قيل
لجمّير : من يحضر مائدة فلانٍ ؟ فقال : أكرم الخلق وألأمهم ، يعني : الملائكة
والذباب
212 - رأى
منصورٌ الفقيه ابنه يلعب ويعدو ، فقال له : لو علمت أنّ رجلك من قلب أبيك لرفقت
بها
213 - جاء
شاعران إلى بعض النّحاة ، فقالا : اسمع شعرنا
وأخبرنا بأجودنا ؛
فسمع شعر أحدهما ، وقال : ذاك أجود ؛ قال له : فما سمعت شعره ! ؟ ما يكون أنحس من
هذا قطّ
214 - دخل قومٌ
من بني تيم الله على مجنون من بني أسدٍ ، فأكثروا العبث به ، فقال لهم : يا بني
تيم الله ! ما أعلم قوماً خيراً منكم
قالوا : كيف ؟ قال :
بنو أسدٍ ليس فيهم مجنونٌ غيري ، قد قيّدوني ؛ وأنتم كلّكم مجانين ، وليس فيكم
مقيّدٌ
215 - قال سعيد
بن حفص المدينيّ : قال أبي : أتي المأمون بأسود قد ادّعى النبّوة ، وقال : أنا
موسى بن عمران ! فقال له : إنّ موسى أخرج يده من جيبه بيضاء ، فأخرج يدك بيضاء حتى
أؤمن بك ! فقال الأسود : إنّما فعل موسى ذلك لمّا قال فرعون : أنا ربّكم الأعلى !
فقل أنت كما قال حتى أخرج يدي بيضاء ، وإلاّ لم تبيضّ
216 - سقي رجلٌ
ماءً بارداً ، ثمّ عاد فطلب ، فسقي ماءً حارّاً ، فقال : لعلّ مزمّلتكم يعتريها
حمى الرّبع
217 - قال
الحسن بن موسى : أضاف رجلٌ رجلاً ، فقال المضيف : يا جاريةُ ! هاتِ
خبزاً وما رزق الله ؛ فجاءت بخبزٍ وكامخٍ ؛ ثمّ قال أيضاً : يا جاريةُ ! هات
خبزاً وما رزق الله ؛ فجاءت
بخبزٍ وكامخٍ ؛ فقال
الضيف : يا جارية ! هات خبزاً ودعي ما رزق الله
218 - قال
الماجشون : كان بالمدينة عطّاران يهوديّان ، فأسلم أحدهما وخرج فنزل العراق ،
فالتقيا ذات يوم ، فقال اليهودي للمسلم : كيف رأيت دين الإسلام ؟ قال : خير دين ،
إلاّ أنّهم لا يدعونا نفسو في الصلاة كما كنّا نصنع ونحن يهودٌ ! فقال له اليهودي
: ويلك ! افس وهم لا يعلمون ! . 219 - قال ابن الأعرابي : قيل لكذّاب : تذكر أنّك صدقت قطّ ؟ فقال : لولا
أني أخاف أن أصدق لقلت : نعم
220 - قال عبد
الله بن أحمد المقرئ : صلى بنا إمامٌ لنا وكان شيخاً صالحاً ، وقد اشترى سطلاً ،
فاستحيا أن يجعله قدّامه في الصلاة ، فجعله خلفه ، فلمّا ركع شغل قلبه به ، فظن
أنّه قد سرق ، فرفع رأسه ، فقال : ربنّا ولك السطل ! فقلت له : السطل خلفك ، لا
بأس
221 - سمع يزيد
بن أبي حبيبٍ رجلاً يقول : جئت من أسفل الأرض ! فقال : كيف تركت قارون ؟
222 - عن أبي
حميدٍ أو حميدٍ ، قال : مرض مولى لسعيد بن
العاص ، فبعث إلى
سعيد بن العاص أنّه ليس له وارثٌ غيرك ، وههنا ثلاثون ألفاً مدفونةٌ ، فإذا أنا مت
فخذها ؛ فقال سعيدٌ : ما أرانا إلا قد قصّرنا في حقه ، وهو من شيوخ موالينا ؛ فبعث
إليه بفرسٍ ، وتعاهده ، فلمّا مات اشترى له كفناً بثلاثِ مئة درهم ، وشهد جنازته ،
فلمّا رجع إلى البيت ، وردّ الباب ، وأمر أن يحفر الموضع الذي ذكر ، فلم يوجد شيءٌ
، ثمّ حفر موضعٌ آخر فلم يوجد شيءٌ ، فحفر البيت كلّه فلم يوجد شيءٌ ، وجاءه صاحب الكفن
يطلب ثمن الكفن ، فقال : لقد هممت أن أنبش عنه
لما تداخله
223 - قال علي
بن عاصم : تنبّأ حائكٌ بالكوفة ، فاجتمع عليه الناس ، فقالوا : أتق الله
، خف الله ، رأيت حائك نبيّ ؟ قال : ما تريدون أن يكون نبيّكم إلا صيرفيّ
القسم الرابع فيما
يروى من ذلك عن العرب 224 - قال الأصمعي : كان أعرابيّان متواخيين بالبادية ،
فاستوطن أحدهما الريف ، واختلف إلى باب الحجّاج ، فاستعمله على أصبهان ، فسمع أخوه
الذي بالبادية ، فضرب إليه ، فأقام ببابه حيناً لا يصل إليه ، ثمّ أذن له بالدّخول
، فأخذه الحاجب ، فمشى به ، هو يقول : سلّم على الأمير ؛ فلم يلتفت إلى قوله ، وأنشد
: ( ولست مسلّماً ما دمت حيّا ** على زيدٍ بتسليم الأمير ) فقال : لا أبالي ؛ فقال
الأعرابي : ( أتذكر إذ لحافك جلد كبشٍ ** وإذ نعلاك من جلد البعير ) فقال : نعم ،
فقال الأعرابي : ( فسبحان الذي أعطاك ملكاً ** وعلمك الجلوس على السرير ) 225 -
قال الأصمعي : أتيت البادية ، فإذا أعرابيّ قد زرع برّاً ، فلمّا استوى وقام على
سنبله ، مرّ به رجلٌ من جرادٍ ، وتضيّفوا به ، فجعل الأعرابي ينظر إليه ولا حيلة
له ، فأنشأ يقول :
( مر الجراد على زرعي
فقلت له ** ألمم بخيرٍ ولا تلمم بإفساد ) ( فقال منهم عظيمٌ فوق سنبلةٍ ** إنّا
على على سفرٍ لا بد من زاد ) 226 - قال إبراهيم بن عمر : خرج أبو نواس في أيّام
العشر يريد شراءَ أضحيةٍ ، فلمّا صار في المربد إذا هو بأعرابي قد أدخل شاةً له
يقدمها كبشٌ فارهٌ ، فقال : لأجرِّبنّ هذا الأعرابي فأنظر ما عنده ، فإني أظنّه عاقلاً ؛ فقال أبو
نواسٍ : ( أيا صاحب الشّاة الّتي قد تسوقها ** بكم ذاكم الكبش الذي قد تقدّما )
فقال الأعرابيّ : ( أبيعكه إن كنت ممّن يريده ** ولم تكُ مزّاحاً بعشرين درهما )
فقال أبو نواسٍ : ( أجدت رعاك الله ردَّ جوابنا ** فأحسن إلينا إن أردت التّكرما )
فقال الأعرابي : ( أحطُّ من العشرين خمساً فإننّي ** أراك ظريفاً فأقبضنه مسلماً ) قال : فدفع إليه خمسة عشر درهماً ، وأخذ
كبشاً يساوي ثلاثين درهماً
227 - قال أبو
جعفرٍ محمد بن عبد الرحمن البصري : حدّثني ابن عائشة أنّ فتيان من فتيان أهل
البصرة خرجوا إلى ظهر البصرة ،
فأخذوا في شرابهم ،
وما زالوا يتناشدون ويتنادمون ويتحدّثون حتى كربت الشمس أن تغرب ، فطلبوا خلوةً
ممّن يغلُ عليهم في شرابهم ، فإذا أعرابيٌ كالنّجم المنقض يهوي حتى جلس بينهم ،
فقال بعضهم لبعض : قد علمنا أنّ مثل هذا اليوم لا يتم لنا ؛ ثمّ قال أحدهم : (
أيها الواغل الثّقيل علينا ** حين طاب الحديث لي ولصحبي ) فقال الآخر : ( خفَّ عنّا فأنت أثقل
واللّه ** علينا من فرسخي دير كعب ) فقال الثالث : ( فمن النّاس من يخف ومنهم **
كرحى البزر ركبت فوق قلب ) فقال الأعرابي : ( لست بالنّازح العشيّة والله ** لشجِّ ولا لشدَّةِ ضرب أو تروون بالكبار حشاشي ** وتعلّون بعدهن بقعبي ) وطرح
قعباً كان معلّقاً ؛ فضحكوا من ظرفهِ ، وحملوه معهم إلى البصرة ، فلم يزل نديماً
لهم
228 - قال
العتبيّ : اشتدّ الحرُّ عندنا بالبصرة وركدت الرّيح ، فقيل لأعرابيّ : كيف كان
هواؤكم البارحة ؟ قال : أمسك ! كأنّه يسمع
229 - قال ابن
الأعرابي : قال رجلٌ من الأعراب لأخيه : تشرب الخازر من اللبن ولا تتنحنح ؟ فقال :
نعم ؛ فتجاعلا جعلاً ، فلمّا شربه آذاه ؛ فقال : كبشٌ أملحُ ، وبيت أفيح ، وأنَا فيه أتبحبح
فقال له أخوه : قد
تنحنحت ! فقال : من تنحنح فلا أفلح
230 - قال
إبراهيم بن المنذر الحزاميّ : قدم أعرابيُّ من أهل البادية على رجلٍ من أهل الحضر
، فأنزله ، وكان عنده دجاجٌ كثيرٌ ، وله امرأة وابنان وبنتان
قال : فقلت لامرأتي :
اشوي دجاجةٌ وقدميها إلينا نتغدى بها ؛ وجلسنا جميعاً ، ودفعنا إليه الدجاجة ،
فقلنا : اقسمها بيننا ؛ نريد بذلك أن نضحك منه ، قال : لا أحسن القسمة ، فإن رضيتم
بقسمتي قسمت بينكم ؛ قلنا : نرضى ؛ فأخذ رأس الدجاجة ، فقطعه ، فناولينه ، وقال : الرّأس للرئيس ؛
ثمّ قطع الجناحين ، وقال : الجناحان للابنين ؛ ثمّ قطع السّاقين ، وقال : الساقان
للابنتين ؛ ثمّ قطع الزّمكّى ، وقال : العجز للعجوز ؛ ثمّ قال : والزّور
للزائر ؛ فلمّا كان من الغد ، قلت لامرأتي : اشوي لي خمس دجاجاتٍ ؛ فلمّا حضر
الغداء ، قلنا : اقسم بيننا ؛ قال : شفعاً أو وتراً ؟ قلنا : وتراً ،
قال : أنت وامرأتك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ثمّ رمى بدجاجةٍ ، وقال : وابناك
ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ورمى إليهما بدجاجةٍ ، وقال : وابنتاك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ثمّ قال
: وأنا ودجاجتان ثلاثةٌ ؛ فأخذ الدجاجتين ؛ فرآنا ننظر إلى دجاجتيه فقال : لعلّكم
كرهتم قسمتي الوتر ؟ قلنا : اقسمها شفعاً ؛ فقبضهن إليه ، ثمّ قال : أنت وابناك
ودجاجةٌ أربعةٌ ؛
ورمى إلينا دجاجةٌ ، ثمّ قال : والعجوز وابنتاها ودجاجةٌ أربعة ؛ ورمى إليهنّ
دجاجةٌ ، ثم قال : وأنا وثلاث دجاجات أربعةٌ ؛ وضم ثلاث دجاجاتٍ ، ثمّ رفع رأسه
إلى السماء وقال : الحمد لله ، أنت فهّمتنيها
231 - قال
الشعبيّ : قال عمرو بن معدي كرب : خرجت يوماً حتى انتهيت إلى حي ، فإذا بفرسٍ
مشدودةٍ ورمحٍ مركوز ، وإذا صاحبه في وهدةٍ يقضي حاجة له ، فقلت له : خذ حذرك ؛ فإني
قاتلك ؛ قال : ومن أنت ؟ قلت : أنا ابن معدي كرب ؛ قال : يا أبا ثور ! ما
أنصفتني ؛ أنت على ظهر فرسك وأنا في بئرٍ ! فأعطني عهداً أنّك لا تقتلني حتى أركب
فرسي وآخذ حذري ؛ فأعطيته عهداً أني لا أقتله حتى يركب فرسه ويأخذ حذره ؛ فخرج من
الموضع الذي كان فيه حتى احتبى بسيفه وجلس ؛ فقلت له : ما هذا ! ؟ قال : ما أنا
براكبٍ فرسي ، ولا مقاتلك ! فإن نكثت عهداً فأنت أعلم ؛ فتركته ومضيت ؛ فهذا أحيل
من رأيت
232 - قال
قحذمٌ : وجد في سجن الحجّاج ثلاثةٌ وثلاثون ألفاً ، ما يجب على أحدٍ منهم قطعٌ
ولا قتلٌ ولا صلبٌ ، وأخذ فيهم أعرابيٌّ رئي جالساً يبول عند ربط مدينة واسط ، فخلّي
عنهم ، فانصرف الأعرابي وهو يقول : ( إذا نحن جاوزنا مدينة واسطٍ ** خرينا وصلّينا بغير حساب ) 233 - سمع أعرابيٌّ رجلاً يروي عن ابن عباس
أنّه قال : من نوى الحجّ وعاقه عائقٌ كتب له الحجّ ؛ فقال الأعرابي : ما وقع العام
كراءٌ أرخص من هذا !
234 - استأذن
حاجب بن زرارة على كسرى ، فقال له الحاجب : من أنت ؟ فقال : رجلٌ من العرب ؛ فأذن
له ، فلمّا وقف بين يديه ، قال : من أنت ؟ قال : سيد العرب ؛ قال : ألم تقل للحاجب
أنا رجلٌ منهم ؟ قال : بلى ! ولكني وقفت بباب الملك وأنا رجلٌ منهم ، فلمّا وصلت
إليه سدتهم ؛ فقال كسرى : زه ! احشوا فاه درّاً
235 - نزل
أعرابي في سفينةٍ ، فاحتاج إلى البراز ، فصاح : الصلاة الصلاة ؛ فقربوا إلى الشطّ
، فخرج ، فقضى حاجته ، ثم رجع ، فقال : ادفعوا ، فعليكم بعد وقتٌ
236 - قال مهدي
بن سابقٍ : أقبل أعرابيٌّ يريد رجلاً ، وبين يدي الرّجل طبقٌ فيه تينٌ ، فلمّا
أبصر الأعرابي غطى التين بكساءٍ كان عليه والأعرابي يلاحظه ، فجلس بين يديه ، فقال
له الرّجل : هل تحسن من القرآن شيئاً ؟ قال : نعم ؛ قال : فأقرأ ؛ فقرأ الأعرابي :
! ( والزيتون وطور سينين ) ! [ 95 سورة التين / الآيتان : 1 و 2 ] قال الرجل :
فأين ! ( التين ) ! ؟ قال : تحت كسائك
237 - قيل
لأعرابي : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت وأرى كلّ شيءٍ مني في إدبارٍ ، وإدباري في
إقبال
238 - اشترى
أعرابيٌّ غلاماً ، فقيل له : إنّه يبول في الفراش ؛ فقال : إن وجد فراشاً فليبل
فيه
239 - نظر
أعرابيٌ إلى البدر في رمضان ، فقال : سمنت وأهزلتني ، أراني فيك السّلّ
240 - قيل
لبعضهم : أيّ وقتٍ تحبّ أن تموت ؟ قال : إن كان ولا بد ، فأوّل يوم من رمضان
241 - قال رجلٌ
لرجلٍ : ممّن أنت ؟ قال : من العرب ، من بني تميم
قال : من أكثرها أو
من أقلها ؟ قال : من أقلها . يشير إلى قوله تعالى : ! ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ) ! [ 49 سورة
الحجرات / الآية : 4 ]
242 - قال
الأصمعي : حدّثني شيخٌ من بني العنبر ، قال : أسر بنو شيبان رجلاً من بني العنبر ، فقال لهم : أرسلوا إلى أهلي
ليفدوني ؟ قالوا : ولا تكلم الرسول إلا بين أيدينا ؛ فجاءوه برسولٍ ، فقال له :
ائتِ قومي ، فقل لهم : إن الشجر قد أورق ، وإنّ النساء قد اشتكت ؛ ثمّ قال له : أتعقل ؟
قال : نعم ، أعقل ؛ قال : فما هذا ؟ وأشار بيده إلى الليل ؛ فقال : هذا
الليل ؛ قال : أراك تعقل ، انطلق فقل لأهلي : عرّوا جملي الأصهب ، واركبوا ناقتي
الحمراء ، وسلوا حارثة عن أمري ؛ فأتاهم الرسول ، فأرسلوا إلى حارثة ، فقص عليه
القصة
فلمّا خلا معهم ، قال
: أما قوله : إن الشجر قد أورق ؛ فإنه : إن القوم قد تسلحوا ؛ وقوله : إن النساء
قد اشتكت ؛ فإنه يريد : إنها قد اتخذت
الشكاء للغزو ، وهي
أسقيةٌ ، وقوله : هذا الليل ؛ يريد : يأتونكم مثل الليل أو في الليل ؛ وقوله :
عروا جملي الأصهب ؛ يريد : ارتحلوا عن الصمان ؛ وقوله : واركبوا ناقتي ؛ يريد :
اركبوا الدّهناء
فلمّا قال لهم ذلك
تحولوا من مكانهم ، فأتاهم القوم ، فلم يجدوهم
243 - قال ابن
الأعرابي : أسرت طيىء رجلاً شاباً من العرب ، فقدم عليه أبوه وعمّه ليفدياه ،
فاشتطوا عليهما في الفداء ، وبذلاً ما لم يرضوا ، فقال أبوه : لا والذي جعل
الفرقدين يصبحان ويمسيان على جبلي طيىءٍ لا أزيدكم على ما أعطيتكم ؛ ثمّ انصرفا ،
فقال الأب للعم : لقد ألقيت إلى ابني كلمةٌ إن كان فيه خيرٌ لينجونّ ؛ فما لبث أن
نجا ، وطرد قطعةً من إبلهم ، كأنّه قال له : الزم الفرقدين على جبلي طيىءٍ ،
فإنّهما طالعان عليه ، ولا يغيبان عنه
244 - قال عيسى
بن عمر : ولي أعرابيٌ البحرين ، فجمع يهودها ، فقال : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟
قالوا : نحن قتلناه وصلبناه ؛ قال : فوالله لا تخرجون حتى تؤدوا ديته ؛ فأخذها منهم
245 - وولي
أعرابيٌّ تبالة ، فصعد المنبر ، فقال : إنّ الأمير ولاّني
بلدكم ، وإني والله
ما أعرف من الحق موضع سوطي ، ولا أوتى بظالم ولا مظلومٍ إلا أوجعتهما ضرباً ،
فكانوا يتعاطون الحق بينهم ولا يترافعون إليه
246 - قال نصرٌ
بن سيار : قلت لأعرابي : هل أتخمت قط ؟ فقال : أمّا من طعامك وطعام أبيك فلا
فيقال : إن نصراً حم
من هذا الجواب أياّماً
247 - سافر
أعرابيٌّ في وجهٍ فلم ينجح ، فقال : ما ربحنا في سفرنا إلا قصر الصلاة
248 - كان عامر
بن ذهلٍ من أشد الناس قوةً ، فأسن وأقعد ، فاستهزأ به شبابٌ من قومه وضحكوا منه ،
فقال : إني ضعيف ، فادنوا مني ، فاحملوني ؛ فدنوا منه ليحملوه ، فضمَّ رجلين إلى
إبطه ، ورجلين بين فخذيه ، ثمّ زجر بعيره ، فنهض بهم مسرعاً ، فقال : بني أخيّ !
أرجلكم والعرفط ؛ فأرسلها مثلاً
القسم الخامس
ما يروي عن العوام )
249 - عن محمد بن سلام ، قال : لقي روح بن حاتم بعض الحروب ، فقال لأبي دلامة وقد
دعا رجلٌ منهم إلى البراز : تقدم إليه ؛ قال : لست بصاحب قتالٍ ؛ قال : لتفعلنّ ؛
قال : إني جائعٌ ، فأطعمني ؛ فدفع إليه خبزاً ولحماً ؛ وتقدّم ، فهمّ به
الرجّل ، فقال له أبو دلامة : اصبر يا هذا ، أيّ محاربٍ تراني ؟ ثمّ قال : أتعرفني
؟ قال : لا ؛ قال : فهل أعرفك ؟ قال : لا ! قال : فما في الدنيا أحمق منّا ؛ ودعاه
للغداء ، فتغدّيا جميعاً وافترقا ، فسأل روحٌ عما فعل ، فحدّث ، وضحك ، ودعا له ،
فسأله عن القصة ، فقال : ( إنّي أعوذ بروحٍ أن يقدّمني ** إلى القتال فتخزى بي بنو أسد آل المهلّب حبُّ الموت ورثكم ** إذ لا
أورث حبَّ الموتِ عن أحد ) 250 - قال أبو العبّاس ثعلب : لمّا ماتت حمادةُ بنت عيسى
امرأة المنصور ، وقف المنصور والنّاس معه على حفرتها ينتظرون مجيء الجنازة وأبو
دلامة فيه ، فأقبل عليه المنصور ، فقال : يا أبا دلامة ! ما أعددت لهذا المصرع ؟
قال : حمادة بنت عيسى يا أمير المؤمنين ؛ قال : فأضحك القوم
قال العتّابي : دخل
أبو دلامة على المهديّ ، فقال : أقطعني قطيعةً أعيش فيها أنا وعيالي ؛ قال : قد
أقطعك أميرالمؤمنين مئة جريبٍ من العامر ومئة جريبٍ من الغامر ؛ قال : وما الغامر
؟ قال : الخراب الذي لا ينبت ؛ قال أبو دلامة : قد أقطعت أمير المؤمنين خمس مئة
جريبٍ من الغامر من أرض بني أسدٍ ؛ قال : فهل بقي لك حاجةٌ ؟ قال : نعم ! تأذن لي
أن أقبل يدك ؟ قال : ما إلى ذلك سبيلٌ ؛ قال : والله ما رددتني عن حاجةٍ أهون عليّ
فقداً منها
252 - وبلغنا
عن أبي دلامةً أنّه دخل على المهدي ، فأنشده قصيدةً ، فقال له : سلني حاجتك ؛ فقال
: يا أمير المؤمنين ! هب لي كلباً ؛ فغضب ، وقال : أقول لك سلني حاجةً ، فتقول هب
لي كلباً ؟ ! ! ! فقال : يا أمير المؤمنين ! الحاجة لي أو لك ؟ قال : لك ؛ فقال :
أسألك أن تهب لي كلب صيدٍ ؛ فأمر له بكلبٍ ؛ قال : يا أمير المؤمنين ! هبني خرجت
إلى الصيد ، أعدو على رجليّ ؟ فأمر له بدابّةٍ ؛ فقال : فمن يقوم عليها ؟ فأمر له
بغلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ! فهبني صدت صيداً ، فأتيت به المنزل ، فمن يطبخه
؟ فأمر له بجاريةٍ ، فقال : هؤلاء أين يبيتون ؟ فأمر له بدارٍ ، فقال : يا أمير
المؤمنين ! قد صيّرت في عنقي كفاً من العيال ، فمن أين يقوت هؤلاء ؟ قال : فإن
أمير المؤمنين قد أقطعك ألف جريبٍ عامرٍ وألف جريبٍ غامرٍ ؛ فقال : أمّا العامر
فقد عرفته ، فما الغامر ؟ قال : الخراب الذي لا شيء فيه ؛ فقال : أنا أقطع أمير
المؤمنين مئة ألف جريبٍ بالدّوّ ، ولكنّي أسأل أمير
المؤمنين جريباً
واحداً عامراً ؛ قال : من أين ؟ قال : من بيت المال ؛ فقال المهديّ : حولوا المال
وأعطوه جريباً ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! إذا حول منه المال صار غامراً ؛ فضحك منه
وأرضاه
253 - قال العنزيّ
: أنشد رجلٌ أبا عثمان المازنيّ شعراً له ، فقال : كيف تراه ؟ قال : أراك قد
عملت عملاً بإخراج هذا من جوفك ، لأنّك لو تركته لأورثك السل
254 - قال أبو
سعيد عبد الله بن شبيبٍ : حدّثني الزبير ، قال : كانت أمّ سلمة بنت يعقوب بن سلمة
بعد موت أمير المؤمنين أبي العباس لا تضحك ، فأنشدها مرثيةً رثاه بها ، فقالت : ما
وجدت أحداً حزن على أمير المؤمنين حزني وحزنك ! فقال : لا سواء رحمك الله ، لك منه
ولدٌ وليس لي منه ولدٌ ! فضحكت وقالت : لو أحدث الشيطان لأضحكته
255 - قال مالك
بن أنسٍ : لهؤلاء الشّطَّار ملاحةٌ ، كان أحدهم يصلي خلف إنسانٍ ، فقرأ الإنسان ! ( الحمد لله رب العالمين ) ! حتى فرغ منها ، ثمّ أرتج عليه ، فجعل يقول : أعوذ
بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ؛ وجعل يردد ذلك ، فقال الشَّاطر : ليس
للشّيطان ذنبٌ إلا أنّك لا تحسن تقرأ
256 - قال الحميدي
: كنّا عند سفيان بن عيينة ، فحدّثنا بحديث زمزم أنّه لما شرب له ، فقام رجلٌ من
المجلس ، ثمّ عاد ، فقال له : يا أبا محمدٍ ! أليس الحديث الذي حدثتنا في زمزم
صحيحاً ؟ فقال : نعم ، قال : فإني قد شربت الآن دلواً من زمزم على أنّك تحدّثني
بمئة حديثٍ ، فقال سفيان : اقعد ؛ فحدّثه بمئة حديثٍ
257 - قال أبو
أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث الحارثي : اجتزت ببغداد في أيّام المقتدر وأنّا
حدثٌ في جماعةٍ من مجّان أصحاب الحديث ، وإذا بخادم خصي جالس على دكةٍ في الطريق ،
وبين يديه أدويةٌ ومكاحل ومباضع ، وعلى رأسه مظلة خرقٍ كما يكون الطبيب ، فتقدّم
بعض أصحابنا إليه يعبث به ، فتعاشى وتماوت وتمارض وقال : يا أستاذ ! يا أستاذ !
دفعاتٍ ؛ فضجر الخادم ، وقال : فقولي ، لا شفاك الله ؛ إيش أصابك ؟ أيّ طاعونٍ
ضربك ؟ فقال : يا أستاذ ! أجد ظلمةً في أحشائي ، ومغصاً في أطراف شعري ، وما آكله
اليوم يخرج غداً مثل الجيفة ؛ فصف لي صفةً لما أنا فيه ؛ فقال الخادم : أمّا ما
تجدين من مغصٍ في أطراف شعرك فاحلقي لحيتك ورأسك جميعاً حتى يذهب مغصك ، وأمّا ظلمةٌ
في أحشائك فعلّقي على باب جحرك قنديلاً يضيءٌ مثل السّاباط ، وأمّا ما تأكلينه
اليوم ويخرج غداً مثل الجيفة فكلي خراك واربحي النفقة
قال : فعطعط بنا
العامّة القيام وضحكوا منّا ، وانقلب الطنز الذي
أردنا بالخادم ، فصار
طنزاً بنا ، فصار قصارنا الهرب ، فهربنا
258 - قال عمر
بن شبة : أتي معن بن زائدة بثلاث مئة أسير ، فأمر بضرب أعناقهم ، فقدّم غلامٌ منهم
ليقتل ، فقال : يا معن ! لا يقتل أسراك وهم عطاشٌ ! فقال : اسقوهم ماءٌ ؛ فلمّا
شربوا ، قام الغلام ، فقال : أيها الأمير ! لا تقتل أضيافك ! فأطلقهم كلّهم
259 - قال محمد
بن إسماعيل بن أبي فديك : كان عندنا رجلٌ يكنى أبا نصرٍ ، من جهينة ، ذاهب العقل
في غير ما النّاس فيه ، يجلس مع أهل الصّفّة في آخر مسجد رسول الله [ صلى الله عليه
وسلم ] ، فأتيته يوماً ، فقلت : ما الشرف ؟ قال : حمل ما ناب العشيرة ، والقبول من
محسنها ، والتّجاوز عن مسيئها ؛ قلت : ما المروءة ؟ قال : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، وتوقّي الأدناس ؛ قلت : ما السخاء ؟
قال : جهد مقل ؛ قلت : فما البخل ؟ قال : أف ؛ وحول وجهه عني ؛ قلت : أجبني
! قال : قد أجبتك
260 - قال أبو
بكر بن شاذان : بكر إبراهيم بن محمدٍ بن عرفة نفطويه يوماً إلى درب الرّآسين ، فلم
يعرف الموضع ، فتقدم إلى رجلٍ يبيع البقل ، فقال له : أيّها الشيخ ! كيف الطريق
إلى درب الرّآسين ؟ فالتفت البقلي إلى جار له ، وقال : يا فلان ! ألا ترى إلى
الغلام ! فعل الله به وصنع ، قد احتبس عليّ ! فقال : وما الذي تريد منه ؟ قال : لم
يبادر فيجبني بالسّلق ، بأيّ شيءٍ أصفع هذا الخبيث ؟ لا يكنّي
قال : فتركه ابن عرفة
وانصرف من غير أن يجيبه بشيءٍ
261 - قال أبو
علقمة النحوي : وقفت على قصابٍ وقد أخرج بطنين سمينين ، فعلّقهما ، فقلت : بكم
البطنان ؟ فقال : بمصفعان يا مضرطان ؛ قال : فغطيت رأسي وفررت لئلا يسمع النّاس
فيضحكوا مني
262 - قال
الكسائي : حلفت أن لا أكلم عامياً إلا بما يوافقه ويشبه كلامه ؛ وقفت على نجار ،
فقلت : بكم هذان البابان ؟ فقال : بسلحتان يا مصفعان ؛ فحلفت أن لا أكلم عاميّاً
إلا بما يصلح
263 - قال بشر
بن حجرٍ : انقطع إلى أبي علقمة غلامٌ يخدمه ، فأراد أبو علقمة البكور في حاجةٍ ،
فقال : يا غلام ! أصقعت العتاريف ؟ فقال له الغلام : زقفيلم ؛ قال أبو علقمة : وما
( زقفيلم ) ؟ قال : وما ( العتاريف ) ؟ قال : الدّيوك ، قال : ما صاح منها شيءٌ بعد
264 - قال جعفر
بن نصرٍ : بينما أبو علقمة النحوي في طريق ، ثار به مرارٌ ، فسقط ، فظنّ من رآه
أنه مجنون ، فأقبل رجلٌ يعضُّ أذنه ويؤذن فيها ، فأفاق ، فنظر إلى الجماعة حوله ،
فقال : ما لكم قد تكأكأتم عليَّ كما تتكأكؤون على ذي جنَّةٍ ؟ افرنقعوا عني ؟ فقال
بعضهم لبعضٍ : دعوه ! فإنّ شيطانه يتكلّم بالهندية
265 - وقال عبد
الله بن مسلمٍ : دخل أبو علقمة النّحوي على أعين الطبيب ، فقال له : أمتع الله بك
، إنّي أكلت من لحوم هذه الجوازل ، فطسأت طسأة ، فأصابني وجعٌ من الوالبة إلى دأية
العنق ، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الخلب والشراسيف ، فهل عندك دواء ؟ فقال أعين
: خذ حرقفاً وسلقفاً ، فزهزقه وزقزقه ، واغسله بماء روثٍ واشربه ؛ فقال أبو علقمة
: لم أفهم عنك ! فقال أعين : أفهمتك كما أفهمتني
266 - قال صالح
بن شابور : كان محمد بن الحسن الجرجاني يتقعّر ويطلب التّعمق في الكلام مع كل
أحدٍ ، فدخل الحمّام يوماً ، فقال للقيم : أين الحديدة التي يمتلخ بها الطوطوة من الأخفيق
؟ فصفع القيم قفاه بجلد النّورة وهرب ، فلمّا انصرف من الحمام ، أنفذ من حمله إلى
صاحب الشرطة ، فحبس ، فكتب إليه من الحبس : أيّها الأستاذ ! قد
أبرمني المحبسون بالمسألة عن السبب الذي حبست له ؛ فإمّا أطلقتني وإمّا أعرفهم ؛
فبعث من أطلقه ، فاتّصل الخبر بالفتح ، فحدّث المتوكل ، فضحك ضحكاً عجيباً ، وقال
: هذا والله ظريفٌ مليحٌ ، يجب أن نغنيه عن الخدمة في الحمّام ؛ فوهب له مئتي
دينار
267 - عن عليّ
بن المحسن التنوخيّ ، عن أبيه ، قال : كان أبو
جعفر الحسني من أهل
البدو ، وكان يعترض الحجّاج ، فيطالبهم بالخفارة ، وكان رجلٌ يعرف بأبي الحسن بن
شاذان السيرافي يظهر الإسلام ، فإذا أمن كاشف بالإلحاد ، وكان خليعاً ماجناً
فحجّ بعض الأمراء ،
فأظهر ابن شاذان أنّه يريد الحجٌ ، فاعترض القافلة أبو جعفر الحسنيُّ ، فقال أبو
الحسن لأمير الحاج : أنفذني إليه ؛ قال : أي شيءٍ تقول له ؟ قال : أقول له : نحن قومٌ
من فارس وغيرها ، لا نسب لنا في العرب ولا رغبةَ ، جاء أبوك إلينا ، فضرب أدمغتنا
، وقال : حجوا هذا البيت ، فأطعناه ، وجئنا ؛ وجئت أنت تمنعنا ، فإن كان قد بدا
لكم ، فالله قد أقالكم ؛ فضحك الأمير وبعث غيره
268 - مدح رجلٌ
رجلاً اسمه يسيرٌ ، فقال : ( ومدح يسيرٍ في البلاد يسيرُ ** ) فقيل له : إنّه لا يعطيك شيئاً ، فقال : إذا لم يعطني قلت بيدي هكذا ؛
وضمّ أصابعه ؛ يعني : إنّه قليلٌ
269 - دخل رجلٌ
على الصاحب بن عباد ، فقال له الصّاحب : ما الكنية ؟ فقال الرّجل : ( وتتّفق
الأسماء في اللّفظ والكنى ** كثيراً ولكن لا تلاقي الخلائق ) 270 - قال إسحاق بن
إبراهيم الموصلي : دخل مطيع بن إيّاس ويحيى بن زيادٍ على حمّاد الرّاوية ، فإذا سراجه
على ثلاث قصباتٍ ،
قد جمع أعلاهن
وأسفلهنّ بطينٍ ، فقال يحيى : يا حمّاد ! إنّك لمسرفٌ مبتذلٌ لحرّ المتاع ، فقال له مطيعٌ : ألا
تبيع هذه المنارة وتشتري أقل ثمناً منها ، وتنفق علينا وعلى نفسك الباقي ؟ فقال له
يحيى : ما أحسن ظنّك به ! ومن أين له مثل هذه المنارة ؟ هذه وديعةٌ أو عاريةٌ ؛
فقال مطيعٌ : إنّه لعظيم الأمانة عند الناس ! قال يحيى : وعلى عظم أمانته ، ما
أجهل من يخرج هذه من داره ويأمن عليها غيره ؛ فقال مطيعٌ : ما أظنها عاريةً ولا
وديعةً ، ولكني أظنها مرهونةً عنده على مالٍ ، وإلا فمن يخرج مثل هذه من بيته ؟
فقال حمادٌ : شرٌّ منكما من يدخلكما إلى بيته
271 - قال أبو
عبد الله ابن الأعرابي : كنت جالساً بالكوفة ، فرأيت أعمى قد وقف بنخاس ، فقال :
يا نخّاس ! أطلب لي حماراً ليس بالكبير المشتهر ، ولا الصغير المحتقر ؛ إن خلا
الطريق تدفق ، وإن كثر الزحام ترفق ؛ لا يصادم بي السواري ، ولا يدخلني تحت
البواري ؛ إذا أقللت علفه صبر ، وإذا أكثرته له شكر ؛ إن ركبته هام ، وإن ركبه
غيري قام ؛ قال له النّخّاس : يا عبد الله ! إن مسخ القاضي حماراً ظفرت بحاجتك
272 - قال
مجالدٌ : قال الشعبيّ : اخرج بنا نخلو ؛ فخرجنا إلى الصحراء ، فمرّ به عبادي ، فقال له الشعبي : إيش
تعالج ؟ قال : الرفو ؛ فقال له : عندي دنّ مشقوق ، ترفوه لي ؟ فقال : إن
جئتني بخيوطٍ من ريحٍ
رفوت لك رفواً لا يرى
273 - سمع ابن
الأعرابي رجلاً يقول : أتوسل إليكم بعليّ ومعاوية ، فقال : جمعت بين ساكنين
274 - جاز أبو
بكر ابن قانع بالكرخ في أيّام الدّيلم وقوة الرفض ، فقالت له امرأةٌ : سيّدي أبو
بكر ! فقال لها : لبّيك يا عائشة ! فقالت : كأنّ اسمي عائشة ! قال : فيقتلوني وحدي
! ؟ 275 - قيل لرجلٍ ركب في البحر : ما أعجب ما رأيت ؟ قال : سلامتي
276 - نظر رجلٌ
إلى أخوين لأب وأمٌ ، أحدهما جميلٌ والآخر قبيحٌ ، فقال : ما أمّكما إلا شجرةٌ
تحمل سنةً موزاً وسنةً عفصاً
277 - شكا
ضريرٌ شدة العمى ، فقال أعورٌ : عندي نصفٌ الخبر . 278 - رأى بعضهم شيخاً قد انحنى
، فقال : يا شيخٌ ! بكم القوس ؟ فقال : إن عشت أخذته بلا شيءٍ
279 - ورأى آخر
شيخاً مسنّاً ، فقال له : يا شيخ ! من قيدك ؟ قال : الذي خلّفته يفتل قيدك
280 - دخل أبو
الحسن البتّي دار فخر الملك أبي غالبٍ فوجد ابن البوّاب الخطاط جالساً على عتبة
باب ، فقال : جلوس الأستاذ على العتب رعايةٌ للنسب ؛ فغضب ابن البوّاب ، وقال : لو
أن لي من أمر الدنيا شيئاً ما مكنت مثلك من الدخول ؛ فقال البتي : ما تترك صنعة
الشيخ رحمه الله ! 281 - قال بكّار بن رباح : كان بمكة رجلٌ يجمع بين النساء
والرجال ، ويعمل لهم الشراب ، فشكي إلى أمير مكة ، فنفاه إلى عرفاتٍ ، فبنى بها
منزلاً ، وأرسل إلى حرفائه : ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه ؟ قالوا : وكيف وأنت بعرفات ؟ فقال : حمار
بدرهمين ، وقد صرتم إلى الأمن والنّزهة ؛ فكانوا يركبون إليه ، حتى أفسد أحوال أهل
مكة ، فعادوا يشكونه إلى الوالي ، فأرسل إليه ، فأتي به ، فقال : يا عدو الله !
طردتك من حرم الله فصرت بفسادك إلى المشعر الأعظم ! فقال : يكذبون عليّ ؛ فقالوا : دليلنا أن نأمر بحمير مكةّ ، فتجمع ،
ويرسل بها مع أمنائك إلى عرفات ، فإن لم تقصد منزله من بين المنازل فنحن مبطلون ؛ فقال
الوالي : إن هذا لشاهد ودليل ؛ فجمع الحمر ، ثم أرسلها ، فصارت إلى منزله ، فقال
الأمير : ما بعد هذا شيءٌ ؛ فجرّدوه ، فلما نظر إلى السياط ، قال : لا بدّ لك من
ضربني ؟ قال : نعم ، قال : والله ما عليّ في ذلك أشد من أن يضحك منا أهل العراق ،
ويقولون : أهل مكة يجيزون شهادة الحمير ! فضحك الوالي
282 - قدّم
طبّاخٌ إلى بعض الفطناء طبقاً وعليه رغيفان ، ثم قال له : ما تشتهي أن أجيء به ؟
فقال : خبزٌ
283 - تكلم بعض
القصاص ، فقال : في السماء ملكٌ يقول كل يومٍ : ( لدوا للموت وابنوا للخراب ** )
فقال بعض الفطناء : اسم ذلك الملك أبو العتاهية
284 - كان بعض
الظرفاء إذا سمع أحداً يتحدث حديثاً بارداً قال : اقطع حديثك بخيرٍ
285 - حضر في
مجلس أبي سعد بن أبي عمامة رجلٌ من أهل اليمن ، فسأل أبا سعدٍ أن يطلب له شيئاً ،
فطلب ، فلم يعطه أحدٌ شيئاً ، وكان مقصودهم بالامتناع أن يذكر الشيخ شيئاً يضحكون
منه ، فقال أبو سعدٍ للسّائل : من أين أنت ؟ فقال : من اليمن ؛ فقال له : تكذب !
لست من اليمن ؛ قال : بلى والله ! فقال : لو كنت من اليمن لكان هؤلاء يعرفونك
فيعطونك ؛ فضحك النّاس وأعطوه ؛ وكان مقصوده أنّ القرود من اليمن
286 - قيل
لبعضهم : أتحبّ أن تموت امرأتك ؟ قال : لا ، قيل : لم ؟ قال : أخاف أن أموت من
الفرح
287 - ادّعى
رجلٌ النبّوّة ، فقيل له : أخرج لنا من الأرض بطيخةً ، فقال : اصبروا
علىّ ثلاثة أيام ، قالوا : ما نريد إلا السّاعة ، فقال : إنّ الله تعالى يخرج
البطيخة في ثلاثة أشهرٍ ، فلا تصبرون ثلاثة أيامٍ ؟ !
288 - ادعى
رجلٌ النبّوّة وزعم أنّه نوحٌ ، فصلب ، فمرّ به مجنونٌ ، فقال : يا نوح ! ما حصلت
من سفينتك إلا على الدّقل
289 - ذكر أبو
يوسف القزوينيُّ أنّ رجلاً كان يقال له : هذيل بن واسع ، يزعم أنّه من ولد
النّابغة الذبياني ، ادّعى النبّوة ، وزعم أن الله تعالى أوحى إليه ما يعارض به
سورة الكوثر ، فقال له رجلّ : أسمعني ! فقال : إنّا أعطيناك الجواهر ، فصل لربّك
وهاجر ، فما يؤذيك إلا فاجر ؛ فظهر عليه القسري ، فقتله وصلبه ، فعبر عليه الرجل ،
فقال : إنّا أعطيناك العمود ، فصلّ لربّك من قعود ، بلا ركوعٍ ولا سجودٍ ، فما
أراك تعود
290 - لطم رجلٌ
الأحنف بن قيسٍ ، فقال له : لم فعلت هذا ؟ قال : جعل لي جعلٌ على أن ألطم سيّد بني
تميم ؛ فقال : ما صنعت شيئاً ، عليك بحارثة بن قدامة ، فإنّه سيّد بني تميمٍ ؛
فانطلق ، فلطمه ، فقطع يده ، وذاك أراد الأحنف
291 - قال أحمد
بن علي بن ثابتٍ : استعار رجلٌ من أبي حامدٍ أحمد ابن أبي طاهر الأسفراييني الفقيه
كتاباً ، فرآه أبو حامدٍ يوماً قد أخذ عليه عنباً ، ثمّ إنّ الرّجل سأله بعد ذلك
أن يعيره كتاباً ، فقال له : تجيءُ إلى المنزل ، فأتاه ، فأخرج الكتاب إليه في
طبقٍ وناوله إياه ،
فقال الرّجل : ما هذا
؟ قال له : هذا الكتاب الذي طلبته ، وهذا الطّبق تضع عليه ما تأكله ؛ فعلم بذلك ما
جنى
292 - قال أبو
إسحاق الجهيمي : تنكر الحجّاج وخرج ، فمرّ على المطّلب غلام أبي لهب ، فقال له :
أي شيءٍ خبر الحجاج ؟ فقال : على الحجاج لعنة الله ، قال : متى يخرج ؟ قال : أخرج
الله روحه من بين جنبيه ، قال : أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أنا الحجاج ، قال له : أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أنا المطّلب
غلام أبي لهبٍ ، معروفٌ بالصّرع ، أصرع في كل شهرٍ ثلاثة أيّام ، اليوم أوّلها ؛
فتركه ومضى
293 - وانفرد
الحجّاج يوماً عن عسكرهِ ، فلقي أعرابياً فقال له : كيف الحجَّاج ؟ قال : ظالمٌ
غاشم ، قال : فهلا شكوتموه إلى عبد الملك ؟ قال : هوأظلم وأغشم ؛ فأحاط به العسكر
، قال : أركبوا البدوي ؛ فلما ركب ، سأل عنه ، فقيل له : هذا الحجَّاج ؛ فركض
خلفه ، وقال : يا حجَّاج ! قال : ما لك ؟ قال : السرُّ الّذي بيني وبينك لا يطَّلع
عليه أحد ؛ فضحك منه وأطلقه
294 - قال محمد
بن إسحاق : قيل لعمر بن عبد العزيز : إنَّ في المدينة مخنّثاً قد أفسد نساءها ؛
فكتب إلى عاملهِ أن يحمله إليه ، فحمل ؛ فأدخل عليه ، فإذا شيخٌ خاضبٌ اللّحية والأطراف
معتجرٌ ؛ فدخل ومعه دفٌّ في خريطةٍ ، فلمّا وقف بين يديِّ عمر صعَّد فيه النَّظر
وصوَّبه ، ثمَّ قال :
سوأةٌ لهذهِ السن وهذهِ القامةِ ؛ ثمَّ قال له عمر : أتحفظ من المفصَّلُِ شيئاً ؟
قال : نعم ، وما المفصَّلُ ؟ قال : ويلك ! أتقرأُ من القرآنِ شيئاً ؟ قال : أقرأُ
! ( الحمد ) ! وأخطئ فيها موضعين أو ثلاثةٍ ، وأقرأُ ! ( قل أعوذ برب الناس ) ! وأخطئ فيها ، وأقرأُ ! ( قل هو الله أحد ) ! مثل الماءِ الجاري ؛ قال : ضعوه في
الحبسِ ، ووكِّلوا بهِ معلِّماً يعلمه القرآن وما يجبُ عليهِ من الطَّهارةِ
والصلاةِ ، وأجروا عليه كلَّ يوم درهماً ، وعلى معلّمهِ ثلاثةً ، ولا يخرج مِن
الحبس حتّى يحفظ القرآن أجمع ؛ فكان كلّما علَّم سورةً نسيَ الَّتي قبلها ، فبعث
رسولاً إلى عمر : يا أمير المؤمنين ! وجه إلي من يحملُ إليك ما أتعلمه أولاً
فأوّلاً ، فإنَّي لا أقدر أن أحمله ؛ فقال عمر : ما أرى هذهِ الدَّراهم إلاّ لو
أطعمناها جائعاً أو كسونا بها عارياً كان أصلح ؛ ثمَّ دعا به ، فقال : أقرأ ! ( يا
أيها الكافرون ) ! فقال : أسأل الله العافية ! أدخلت يدك في الجراب ، فأخرجت
شَّرَّ ما فيه وأصعبه ؛ فأمر بوجىء عنقه ، ونفاه
295 - قال
المبرّد : قدم بعض البصريين من أصحاب أبي الهذيل بغداد ، وقال : لقيت مخنثّين ،
فقلت لهما : أريد منزلاً ؛ وكان هذا الرجل في نهاية القبح ، فقال أحدهما : بالله
من أين أنت ؟ قلت : من البصرة ؛ فأقبل على الآخر ، فقال : لا إله إلاَ الله ، تحول
يا أختي كل شيء من الدنيا ، حتى هذا ! كانت القرود تجيء إلى بغداد من اليمن صارت
تجيء من البصرة !
296 - قال أبو
القاسم الرازي : سمعت أخي أبا عبد الله يقول :
قام بنان الحمال إلى
مخنّث ، فأمره بالمعروف ، فقال له المخنث : ارجع كفاك ما بك ، فقال له بنان : وما
بي ؟ قال : خرجت من بيتك وفي نفسك أنك خير منَّي
297 - دخل رجل
الحمَّام ، فإذا مخنثٌ بين يديهِ خطميّ ، فقال الرّجل : أعطني من هذا قليلاً ؛
فأبى ، فقال الرَجل : كل قفيز بدرهم ، فقال المخنث : كل أربعة أقفزةٍ بدرهم ، احسب
حسابك ، كم يصيبك بلا شىءٍ ؟ !
298 - قيل لأبي
الحارث جمّيز : ما تقول في الفالوذجة ؟ قال : وددت أنها والموت اعتلجا في صدري ،
والله لو أنَ موسى لقي فرعون بفالوذجة لآمن ، لكنَه لقيه بعصا
299 - أدخل
مخنث على العريان بن الهيثم ، وهو أمير الكوفة ، فقال : يا عدو الله ! أتتخنث وأنت
شيخ ! ؟ فقال : مكذوب علي كما كذب علي الأمير ، فقال : وما قيل فيّ ؟ قال : يسمونك
العريان ولك عشرون جبّة
300 - قال
المتوكل يوماً لجلسائه : أتدرون ما الذي نقم المسلمون على عثمان ؟ أشياءٌ ، منها
أنه قام أبو بكر دون مقام رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بمرقاة ، ثم قام عمر
دون أبي بكر بمرقاة ، فصعد
عثمان ذروة المنبر ؛
فقال عبادة : ما أحد أعظم منة عليك يا أمير المؤمنين من عثمان ؛ قال : وكيف ذلك ؟
قال : لأنّه صعد ذروة المنبر ، فلو أنه كلما قام خليفةٌ نزل عمن تقدمه كنت أنت
تخطبنا من بئر جلولاء ؛ فضحك المتوكل ومن حوله
301 - قال أبو
عثمان الخالدي : عملتُ قصيداً أمدح سيف الدولة أبا الحسين ابن حمدانٍ ، وعرضتها
على جماعةٍ ، أتعرّف ما عندهم فيها ، فاتّفق أن حضر مخنّثٌ وأنا أقرأها ، فلمّا
انتهيت إلى قولي : ( وأنكرت شيبةً في الرّأس واحدةً ** فعاد يسخطها ما كان يرضيها
) قال : هذا غلطٌ ! يقول للأمير : في الرّأس واحدةً ! ألا قلت : في الرّأس طالعةً
أو لائحةً ؟ فعجبت من فطنته وجودة خاطره وحسن عرافته
302 - قال
الأصمعي : قيل لطويس : ما بلغ من شؤمك ؟ قال : ولدت يوم توفي رسول الله [ صلى الله
عليه وسلم ] ، وفطمت يوم توفي أبو بكر ، وختنت يوم مات عمر ،
وراهقت يوم قتل عثمان ، وتزوّجت يوم قتل علي وولد لي يوم قتل الحسين
303 - نظر
جمّيز إلى برذونٍ تحت صديقٍ له يقطف ، فقال : برذونك هذا يمشي على استحياء . 304 - قال بعض
الأدباء لصديقٍ له : أنت والله بستان الدنيا ،
فقال له الآخر : أنت
النّهر الذي يشرب منه ذلك البستان
305 - تظلم أهل
الكوفة من عاملها إلى المأمون ، فقال : ما علمت في عمّالي أعدل منه ؛ فقال رجلٌ من
القوم : يا أمير المؤمنين ! فقد لزمك أن تجعل لسائر البلدان نصيباً من عدله حتى
تكون قد ساويت بين رعاياك في حسن النظر ، فأمّا نحن ، فلا يخصنا أكثر من ثلاث سنين
؛ فضحك وصرفه
306 - قال عليّ
بن مهديّ : مرّ طبيبٌ بأبي الواسع المازني ، فشكا إليه ريحاً في بطنه ، فقال له :
خذ الصّعتر ، فقال : يا غلام ! دواةٌ وقرطاسٌ ؛ قال : قلت ماذا ؟ قال : كرّ صعترٍ
ومكوك شعيرٍ ، قال : لم تذكر الشعير أوّلاً ! قال : ولا علمت أنّك حمارٌ أيضاً إلا
الساعة
307 - دعا بعض
الظرفاء قوماً ، فتبعهم طفيليّ ، ففطن به الرّجل ، فأراد أن يعلمهم أنّه قد فطن به
، فقال : ما أدري لمن أشكر ؟ لكم إذ أجبتم دعوتي ، أو لهذا الذي تجشم من غير أن
أدعوه ؟ 308 - قال يموت بن المزرّع : قال لي سهل بن صدقةٍ ، وكانت بيننا مداعبةٌ :
ضربك الله باسمك ، فقلت له مسرعاً : أحوجك الله إلى اسم أبيك
309 - مرّ رجلٌ
من الفطناء برجلٍ قائم في طريقٍ ، فقال : ما وقوفك ؟ قال : أنتظر إنساناً ، قال :
يطول وقوفك إذن
310 - تقدّم
رجلٌ سيىء الأدب إلى حجّام ، فقال له : تقدّم يا ابن الفاعلة وأصلح شاربي ، فقال
له : إن كان خطابك للنّاس كذا فعن قليلٍ تستريح منه
311 - قال عبد
الرحمن بن مخلدٍ : دفعت امرأة إلى رجل يقرأ عند القبور رغيفاً ، وقالت له : اقرأ
عند قبر ابني ؛ فقرأ ! ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) ! [ 54
سورة القمر / الآية : 48 ]
قال : فقالت له :
هكذا يقرأ عند القبور ؟ ! فقال لها : فإيش أردت برغيفٍ ! ( متكئين على فرش بطائنها
من إستبرق وجنى الجنتين دان ) ! [ 55 سورة الرحمن / الآية : 54 ] ؟ ذاك بدرهم !
312 - حضر
خيّاطٌ عند بعض الأتراك ليفّصل له قباءً ، فأخذ يفصّل والتّركيّ ينظر إليه ، فما
أمكنه أن يسرق شيئاً ، فضرط ، فضحك التركي حتى استلقى ، فأخرج الخياط من الثوب ما
أراد ، فجلس التركي ، فقال : يا خيّاطّ ضرطةٌ أخرى ؛ فقال : لا يجوز ، يضيق القباء
313 - قدّم
قومٌ غريماً لهم إلى الحاكم ، فادّعوا عليه ، فقال :
صدقوا ! إلا أني
سألتهم أن يؤخروني حتى أبيع عقاري وأدفع إليهم ، فإن لي مالاً وعقاراً ورقيقاً
وإبلاً ، فقالوا : كذب ، ما يملك شيئاً ، إنّما يريد دفعنا عن نفسه ، فقال : أيّها
القاضي ! اشهد لي عليهم
فعدمه ، ثمّ قال لخصومه
: قد عدمته ؛ فأركب حماراً ، ونودي عليه : هذا معدمٌ ، فلا يعامله أحدٌ إلا
بالنّقد ؛ فلمّا كان العشاء ترك عن الحمار ، فقال له المكاريّ : هات أجرة
الحمار ، قال : ففيم كنّا مذ الغداة ؟ ! 314 - نظر بعض الحكماء إلى رجلٍ يرمي
هدفاً ، وسهامه تذهب يميناً وشمالاً ، فقعد في وجه الهدف ، فقيل له في ذلك ، فقال
: لم أر موضعاً أسلم منه
315 - رمى رجلٌ
عصفوراً ، فأخطأه ، فقال له رجلٌ : أحسنت ؛ فغضب ، وقال : تهزأ بي ؟ قال : لا !
ولكن أحسنت إلى العصفور
316 - قيل لرجل
: تحفظ القرآن ؟ قال : نعم ، قالوا : إيش أوّل الدّخان ؟ قال : الحطب الرّطب
317 - استأجر
رجلٌ داراً ، فجعل خشب السقوف يتفرقع ، فقال لمالك الدّار : أصلح هذا
السقف ، فإنّ خشبه يتفرقع ؛ قال : لا بأس عليك ، فإنّه يسبح ؛ قال : أخشى أن
تدركه الرّقّة فيسجد
318 - وقف قومٌ
على مزبدٍ ، وهو يطبخ قدراً ، فأخذ أحدهم قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر
إلى خلّ ؛ وأخذ آخر قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى أبزار ؛ وأخذ آخر قطعة
لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى ملحٍ ؛ فأخذ مزبد قطعة لحمٍ ، فأكلها ،
وقال : تحتاج القدر إلى لحمٍ
319 - قام رجلٌ
على رأس ملكٍ ، فقال : لم قمت ؟ قال : لأقعد ؛ فولاه
320 - ومرّ
رجلٌ بمزبدٍ وهو جالسٌ يتفكر ، فقال له : في أي شيءٍ تتفكر ؟ قال : في الحج ، قد
عزمت عليه السّنة ، قال : فما أعددت له ؟ قال : التلبية ، فما أقدر على غيرها
321 - وزفّت
إليه امرأة قبيحةٌ ، فقيل له : بم تصبحّها ؟ قال : بالطلاق
322 - ونظر إلى
قومٍ مكتفين يحملون إلى السجن ، فقال : ما قصة هؤلاء ؟ قال : خيرٌ !
قال : فإن كان خيراً فكتفوني معهم ! ! 323 - وغضب عليه بعض الولاة ، فأمر بحلق
لحيته ، فقال له الحجّام : افتح فمك ! فقال : الأمير أمرك بحلق لحيتي أو تعلّمني
الزمر ؟ 324 - قص قاصّ ، فقال : إذا مات العبد وهو سكران ، دفن
وهو سكرانٌ ؛ وحشر
وهو سكران ؛ فقال رجلٌ في طرف الحلقة لآخر : هذا والله نبيذٌ جيدٌ ، يسوى الكوز
منه عشرين درهماً
325 - صلّى
رجلٌ صلاة خفيفةً ، فقال له الجمّاز : لو رآك العجّاج لسرّ بك ، فقال : ولم ؟ قال
: لأن صلاتك رجزٌ
326 - قال
الجمّاز لأبي شراعة : كيف تجدك ؟ قال : أجدني مريضاً من دماميل قد خرجت في أقبح
المواضع ، فقال : ما أرى في وجهك منها شيئاً !
327 - رأى
المعتصم أسداً ، فقال لرجلٍ قد أعجبه قوامه وسلاحه : أفيك خيرٌ ؟ فعلم أنّه يريد
أن يقدمه إلى الأسد ، فقال : لا يا أمير المؤمنين ؛ فضحك
328 - مرّ
غرابٌ الماجن بسائل يقول : أنا عليلٌ وأنا جائع ، فقال له : احمد ربّك ، فقد نقهت
329 - ضحى فضلٌ
الوالي عن امرأته ستين سنةً ، فسمع يوماً محدثاً يحدث ، يقول : يحشر الناس يوم
القيامة وبين أيديهم ضحاياهم ؛ فقال : إن كان كما تقول ، فإن امرأتي تحشر يوم
القيامة راعيةً بعصاوين
330 - بلغني عن
بعض الظراف المتماجنين أنّه قال : لمّا صنع
السامريّ العجل ، قال
إبليس : هذه فضيحةٌ ! تعبد بقرةٌ ! الآن يلعنني الناس ويقولون : هذا عمله ، انظروا
ما يقول السّامريّ ! قالوا : قد قال : ! ( بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها ) ! [ 20
سورة طه / الآية : 96 ] ، قال : ثم أيش ؟ قالوا : قد قال : ! ( وكذلك سولت لي نفسي
) ! [ 20 سورة طه / الآية : 96 ] ، قال : استرحت أنا السّاعة من أن يقال عنّي
331 - قال محمد
بن عبد الرحمن : دعا مدنياً مرّةً أخٌ له ، فأقعده إلى العصر ، فلم يطعمه شيئاً ،
فاشتدّ جوعه ، وأخذه مثل الجنون ، فأخذ صاحب البيت العود ، وقال له : بحياتي ! أي
صوتٍ تشتهي أن أسمعك ؟ قال : صوت المقلى
332 - كان بعض
الظرفاء يجلس عند بقالٍ ضعيفٍ ، لا يكاد يبيع إلا بخبز ، فجاءه رجلٌ ، فقال له :
عندك بهذا الدينار قراضه ؟ فقال له الظريف : مرّ ، ثكلتك أمّك ! هذا قراضته كلّها
يطرحها بن
333 - دخل ظريفٌ
يصلّي في مسجدٍ ، فسرقوا لالكته ، فخبّأوها في كنيسةٍ [ قرب ] المسجد ، ففتّش ،
فرآها في الكنيسة ، فقال : ويحك ! لمّا أسلمت أنا تهودت أنت ! ؟ 334 - بات رجلٌ في دار قومٍ ، فانتبه صاحب الدّار بالليل ،
فسمع ضحك الرّجل في
الغرفة ، فصاح به : يا فلانٌ ! قال : لبيك ؛ قال : كنت في الدار ، فما الذي رقّاك
إلى الغرفة ؟ قال : قد تدحرجت ؛ فقال : النّاس يتدحرجون من فوق إلى أسفل ، فكيف
تدحرجت أنت إلى فوقٍ ؟ قال : فمن هذا أضحك
335 - قال صبي
ليهودي : يا عمّ ! قف حتى أصفعك ! قال : أنا مستعجلٌ ، اصفع أخي عنّي
336 - رئي
فقيرٌ في قريةٍ ، فقيل : ما تصنع هنا ؟ قال : ما صنع موسى والخضر
يعني قوله : ! (
استطعما أهلها ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية : 77 ]
337 - شتم رجلٌ
رجلاً ، فقال المشتوم : إيش قلت لك ؟ فأوهمه أنّه يستفهمه ، وإنّما ردّ عليه
338 - كان
سابور وزير بهاء الدولة يكثر الولاية والعزل ، فولّى بعض العمّال عكبرا ، فقال له
: أيّها الوزير ! كيف ترى ؟ أستأجر السفينة مصعداً ومنحدراً ؟ فتبسم وقال : امض
ساكتاً
339 - بلغني عن
أبي سعدٍ ابن أبي عمامة ، وكان من المتماجنين ، أن رجلاً قال له : رزقك الله قصراً
يبين باطنه من ظاهره ؛ فقال : فنحن الآن قعودٌ في الطريق
340 - وقال له رجلٌ
: تصدّق عليّ حتى أحيلك على من يرى ولا يرى ؛ فقال : إذا لم ير ، فممّن أطلب ؟ 341
- قال رجلٌ لعض الظراف : قد لدغتني عقربٌ ، فهل عندك لهذا دواءٌ ؟ فقال : الصياح
إلى الصباح
342 - قال مصعب
الزّبيري : أتي العريان بسكرانٍ ، فقال له : من أنت ؟ فقال : ( أنا ابن الذي لا
ينزل الدّهر قدره ** وإن نزلت يوماً فسوف تعود ترى النّاس أفواجاً إلى ضوء ناره ** فمنهم
قيامٌ حولها وقعود ) فخلاّه ، فإذا به ابن باقلاّويّ
343 - قال بعض
الشعراء : ( إذا لم يكن في البيت ملحٌ مطيّبٌ ** وزيتٌ وخلٌّ حول حبّ دقيق ولم يك
في كيسي دراهم جمّةٌ ** تنفد حاجاتي بكل طريق فرأس صديقي في حر أمّ قرابتي ** ورأس
عدوّي في حر أم صديقي ) 344 - قيل لأبي الحارث جمّيز : ما فعل فلانٌ ؟ قال : مات ،
قيل : ما ورثت امرأته ؟ قال : أربعة أشهرٍ وعشراً
الباب الثاني فيما
يذكر عن النساء من ذلك 345 - قالت عائشة : قلت : يا رسول الله ! لو نزلت وادياً
فيه شجرةٌ قد أكل منها ، ووجدت شجراً لم يؤكل منها ، في أي شجرةٍ كنت ترتع بعيرك ؟
قال : ' في التي لم ترتعي منها '
يعني أن النبي [ صلى
الله عليه وسلم ] لم يتزوج بكراً غيرها
346 - قال ابن
أبي الزّناد : كان عند أسماء بنت أبي بكرٍ قميصٌ من قمص رسول الله [ صلى الله عليه
وسلم ] ، فلمّا قتل عبد الله بن الزبير ذهب القميص فيما ذهب مما انتهب ، فقالت
أسماء : للقميص أشدّ عليّ من قتل عبدالله ؛ فوجد القميص عند رجلٍ من أهل الشام ،
فقال : لا أردّه أو تستغفر لي أسماء ؛ فقيل لها ، فقالت : كيف استغفر لقاتل عبد
الله ؟ قالوا : فليس يردّ القميص ! فقالت : قولوا له فليجيء
فجاء بالقميص ومعه
عبدالله بن عروة ، فقالت : ادفع القميص إلى عبد الله ؛ فدفعه ، فقالت : قبضت
القميص يا عبد الله ؟ قال : نعم ؛ قالت : غفر الله لك يا عبد الله ؛ وإنّما عنت
عبد الله بن عروة
347 - قال عبد
الله بن مصعبٍ : قال عمر بن الخطاب : لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقيّة
، وإن كانت بنت ذي الغصّة ،
يعني : يزيد بن
الحصين الحارثيّ ، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال ؛ فقالت امرأة : ما ذاك لك
! قال : ولم ؟ قالت : لأنّ الله عزّ وجل قال : ( وءاتيتم إحداهنّ قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) [ 4 سورة النساء /
الآية : 20 ] فقال عمر : امرأة أصابت ورجلٌ أخطأ
348 - قال أبو
الحسن المدائني : دخل عمران بن حطّان يوماً على امرأته ، وكان قبيحاً دميماً قصيراً ،
وقد تزيّنت ، وكانت حسناء ، فلم يتمالك أن أدام النّظر إليها ، فقالت : ما شأنك ؟
قال : لقد أصبحت والله جميلةً ، فقالت : أبشر ! فإني وإيّاك في الجنة ؛ قال : ومن
أين علمت ؟ قالت : لأنّك أعطيت مثلي فشكرت ، وابتليت بمثلك فصبرت ، والصّابر
والشاكر في الجنة
349 - قال
القحذميّ : دخل ذو الرّمّة الكوفة ، فبينما هو يسير في بعض شوارعها على نجيبٍ له ،
إذ رأى جاريةً سوداء واقفةً على باب دار ، فاستحسنها ، فدنا منها ، فقال : يا جارية
! اسقني ماءً ؛ فأخرجت إليه كوزاً ، فشرب وأراد أن يمازحها ، فقال : ما أحرّ
ماءك ! فقالت : لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حرّ مائي وبرده ؛ فقال لها :
وأي شعري له عيبٌ ؟ فقالت : ألست ذا الرّمّة ؟ قال : بلى ! قالت :
( فأنت الذي شبّهت
عنزاً بقفرةٍ ** لها ذنبٌ فوق استها أمّ سالم جعلت لها قرنين فوق جبينها ** وطبيين
مسّودين مثل المحاجم وساقين إن يستمكنامنك يتركا ** بجلدك يا غيلان مثل المناسم
أيا ظبية الوعساء بين حلاحل ** وبين النّقا أأنت أم أمّ سالم ) قال : نشدتك الله
إلا أخذت راحلتي هذه وما عليها ولم تظهري هذا ؛ ونزل عن راحلته ، فدفعها إليها ،
وذهب ليمضي ، فدفعتها إليه ، وضمنت له أن لا تذكر لأحد ما جرى
350 - عن ابن السّكّيت
، أن محمد بن عبد الله بن طاهر عزم على الحج ، فخرجت إليه جاريةٌ شاعرةٌ ، فبكت
لما رأت من آلة السفر ، فقال محمد بن عبد الله : ( دمعةٌ كاللؤلؤ الرّطب ** على
الخدّ الأسيل هطلت في ساعة البين ** من الطّرف الكحيل ) ثم قال لها : أجيزي ،
فقالت : ( حين هم القمر الباهر ** عنّا بالأفول إنّما يفتضح العشاق ** في وقت الرّحيل
) 351 - قال الأصمعي : جاءت عجوزٌ إلى عبد الله بن جعفر ، فقال : كيف حالك يا عجوز
؟ قالت : ما في بيتي جرذٌ ؛ فقال : لقد أطلقت المسألة ، لأملأن بيتك جرذاناً . 352
- قال المبرّد : كنّا عند المازنّي ، فجاءته أعرابية كانت تغشاه
ويهب لها ، فقالت :
أنعم الله صباحك أبا عثمان ، هل بالرّمل أو شالٌ ؟ فقال لها : يجيء الله به ،
فقالت : ( تعلمنّ والذي حجّ القوم ** لولا خيالٌ طارقٌ عند النوم والشوق من ذكراك
ما جئت اليوم ** ) فقال المازني : قاتلها الله ! ما أفطنها ! جاءتني مستمنحةً ،
فلمّا رأت أن لا شيء جعلت المجيء زيارةً تمنّ بها عليً
قال اليشكري :
الأوشال جمع وشلٍ ، وهو : الماء القليل ، وهو مثلٌ هنا ، أي عندكم من ندى ؟ 353 -
وقف المهديّ على عجوزٍ من العرب ، فقال : ممّن أنت ؟ قالت : من طيّىء ، قال : ما منع طيئاً أن يكون فيهم مثل
حاتم ؟ فقالت : الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك ! فعجب من جوابها ، ووصلها
354 - قال
المأمون لزبيدة لمّا قتل ابنها : لن تعدمي منه إلا عينيه ، وأنا ولدك مكانه ؛
فقالت : إن ولداً أفادنيك جديرٌ أن أجزع عليه
355 - قال يموت
بن المزرّع : قال لنا الجاحظ : كنت مجتازاً في بعض الطرقات ، فإذا أنا بامرأتين ،
وكنت راكباً على حمارةٍ ، فضرطت الحمارة ، فقالت إحداهما للأخرى : ويّ ! حمارة
الشيخ تضرط ! فغاظني قولها فأعننت ثم قلت : إنّه ما حملتني أنثى قط إلا
ضرطت
فضربت بيدها على كتف
الأخرى ، وقالت : كانت أمّ هذا منه تسعة أشهرٍ في جهدٍ جهيد
356 - وقال
الجاحظ : رأيت بالعسكر امرأةً طويلةً جدّاً ونحن على الطعام ، فأردت أن أمازحها ،
فقلت : أنزلي تأكلي معنا ، فقالت : وأنت فاصعد حتى ترى الدّنيا
356 - قال
الزبير بن بكارٍ : قالت بنت أختي لأهلي : خالي خير رجلٍ لأهله ، لا يتخّذ ضرّةً ،
ولا يشتهي جاريةً ؛ قالت : تقول المرأة : والله لهذه الكتب أشدّ عليّ من ثلاث ضرائر . 358 - قال أبو القاسم
عبيد الله بن عمر البقال : تزوّج شيخنا أبو عبد الله ابن المحرّم ، وقال لي : لمّا
حملت إليّ المرأة جلست في بعض الأيّام أكتب شيئاً على العادة ، والمحبرة بين يديّ
، فجاءت أمّها ، فأخذت المحبرة ، فضربت بها الأرض ، فكسرتها ، فقلت لها في ذلك ،
فقالت : هذه شرّ على ابنتي من ثلاث مئة ضرّة
359 - أراد
شعيب بن حربٍ أن يتزوّج امرأةً ، فقال لها : إني سيىء الخلق ، فقالت : أسوأ خلقاً
منك من يحوجك إلى أن تكون سيىء الخلق
360 - اعترض
رجلٌ جاريةً ، ليشتريها ، فقال لها : بيدك صنعةٌ ؟ فقالت : لا ! ولكن برجلي ؛ تعني
: إنها رقاصةً
361 - خاصمت
امرأةٌ زوجها ، وقالت : طلقني ! فقال : فأنت حبلى ، إذا ولدت طلقتك ! فقالت : ما
عليك منه ! قال : فإيش تعملين به ؟ قالت : أقعده باب الجنة فقاعى ؛ فقالوا لعجوز :
ما معنى هذا ؟ قالت : تعني : إنّها تشرب ماء السذاب ، وتتحمل به حتى يسقط ، فيلحق
بالجنّة ، فيكون كالفقاعى
362 - عرض على
المتوكل جاريةً ، فقال لها : بكرٌ أنت أم إيش ؟ فقالت : أم إيش ؛ فضحك وابتاعها
363 - عرض على
رجل جاريتان : بكرٌ وثيبٌ ، فاختار البكر ، فقالت الثيب : ما بيني وبينها إلا يومٌ ، فقالت البكر : ! ( وإن يوما عند ربك كألف
سنة مما تعدون ) ! [ 22 سورة الحج / الآية : 47 ] فاشتراها
364 - خرج رجلٌ
، فقعد يتفرّج على الجسر ، فأقبلت امرأةٌ من جانب الرّصافة متوجّهة إلى الجانب
الغربي ، فاستقبلها شابٌ ، فقال لها : رحم الله علي بن الجهم ؛ فقالت المرأة : رحم
الله أبا العلاء المعري ؛ ومرّا
قال : فتبعت المرأة ،
وقلت لها : إن لم تقولي ما قلتما فضحتك
فقالت : قال لي : رحم
الله عليّ بن الجهم يريد قوله : ( عيون المها بين الرصافة والجسر ** جلبن الهوى من
حيث أدري ولا أدري ) وأردت بترحمي على أبي العلاء قوله : ( فيا دارها بالحزن إن
مزارها ** قريبٌ ولكن دون ذلك أهوال ) 365 - غضب المأمون على طاهر بن عبد الله ، فأراد طاهرٌ أن يقصده ، فورد كتابٌ
له من صديقٍ له ، ليس فيه إلا السلام ، وفي حاشيته : يا موسى ! فجعل يتأمّله ولا
يعلم معنى ذلك ، وكانت له جارية فطنةٌ ، فقالت : إنه يقول : ! ( يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) ! [ 28 سورة القصص / الآية :
20 ] فتثبط عن قصد المأمون
366 - قال
بعضهم : حضرت مغنيّتين ، فكانت إحداهما تعبث بكل من تقدر عليه ، والأخرى ساكتةٌ ،
فقلت للساكتة : رفيقتك هذه ما تستقر مع واحدٍ ؛ فقالت : هي تقول بالسنّة والجماعة
، وأنا أقول بالقدر
367 - خاصمت
امرأة زوجها في تضييقه عليها ، فقالت : والله ما يقيم الفأر في بيتك إلا لحب الوطن
، وإلا فهن يسترزقن من بيوت الجيران
368 - جاءت
دلالةٌ إلى رجلٍ ، فقالت : عندي امرأة كأنها طاقة نرجسٍ ؛ فتزوّجها ، فإذا هي
عجوزٌ قبيحةٌ ، فقال للدلالة : غششتني ،
فقالت : لا والله !
إنما شبهتها بطاقة نرجسٍ لأنّ شعرها أبيضٌ ، ووجهها أصفرٌ ، وساقها أخضر
369 - أعطت
امرأة جاريتها درهماً ، وقالت : اشتري به هريسةً ؛ فرجعت ، وقالت : يا سيدتي ! ضاع
الدرهم ؛ فقالت : يا فاعلة ! أتكلميني بفمك كله وتقولين ضاع الدرهم ! فأمسكت
الجارية بيدها نصف فمها ، وقالت بالنصف الآخر : وانكسرت الغضارة
370 - وقال رجل
لجاريةٍ أراد شراءها : كم دفعوا فيك ؟ فقالت : ! ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) ! [
74 سورة المدثر / الآية : 31 ]
371 - قال أبو
بكر ابن عيّاش : كان بالكوفة رجلٌ قد ضاق معاشه ، فسافر ، وكسب ثلاث مئة درهم ،
فاشترى بها ناقةً فارهةً ، وكانت زعرةً ، فأضجرته ، واغتاظ منها ، فحلف بالطلاق
ليبيعنّها يوم يدخل الكوفة بدرهم ، ثمّ ندم ، فأخبر زوجته بالحال ، فعمدت إلى
سنّور ، فعلّقتها في عنق النّاقة ، وقالت : ناد عليها : من يشتري هذا السنور بثلاث مئة درهم والنّاقة بدرهم ! ولا
أفرق بينهما ؛ ففعل ، فجاء أعرابيٌّ ، فقال : ما أحسنك ! لولا هذا البتيارك الذي
في عنقك
372 - قال
زكريا بن يحيى السّاجيّ : اشترى رجلٌ من أصحاب القاضي العوفي جاريةً ، فعصته ولم
تطعه ، فشكى ذلك إلى العوفي ،
فقال : انفذها إليّ
حتى أكلمها ؛ فأنفذها إليه ، فقال لها : يا عروب ! يا لعوب ! يا ذات الجلابيب ! ما
هذا التمنع المجانب للخيرات ، والاختيار للأخلاق المشنوآت ؟ قالت له : أيّد الله
القاضي ! ليست لي فيه حاجةٌ ؛ فمره يبيعني ! فقال : يا منية كل حكيم ، وبحاثٍ عن
اللّطائف عليم ، أما علمت أنّ فرط الاعتياصات ، من الموموقات ، على طالبي المودّات
؟ فقالت له الجارية : ليس في الدنيا أصلح لهذه العثنونات المنتشرات على صدور أهل الرّكاكات
من المواسي الحالقات ؛ وضحكت وضحك أهل المجلس ؛ وكان العوفي عظيم اللحية
373 - قال
الجاحظ : طلب المعتصم جاريةً كانت لمحمود الورّاق ، وكان نخاساً ، بسبعة آلاف
دينارٍ ، فامتنع محمودٌ من بيعها ، فلما مات محمود اشتريت للمعتصم من ميراثه بسبع
مئة دينار ، فلما دخلت إليه ، قال لها : كيف رأيت ؟ تركتك حتى اشتريتك من سبعة آلافٍ بسبع مئةٍ ! قالت : أجل ! إذا كان
الخليفة ينتظر لشهواته المواريث ، فإنّ سبعين ديناراً كثيرةٌ في ثمني فضلاً عن سبع
مئةٍ ؛ فأخجلته
374 - قال رجلٌ
لنسوةٍ : إنّكنّ صواحب يوسف ، فقلن : فمن رماه في الجبّ ، نحن أو أنتم ؟ 375 -
وقفت امرأة قبيحة على عطارٍ ماجنٍ ، فلما رآها ، قال :
! ( وإذا الوحوش حشرت ) !
[ 81 سورة التكوير / الآية : 5 ] فقالت : ! ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ) ! [ 36
سورة يس / الآية : 78 ]
376 - رأى رجلٌ
امرأةً قد خضبت رؤوس أصابعها وشنترتها ، فقال : ما أحسن هذا الزيتون ! فقالت :
فكيف لو رأيت قالب الجبن ؟ ! 377 - حكي لنا أنّه كان لجعفر بن يحيى ، خاتمٌ منقوشٌ
عليه ( جعفر بن يحيى ) ، فنادى أن لا ينقش أحدٌ على خاتمه ( جعفر بن يحيى ) فجاءت
جاريةٌ إلى نقّاش ، فقالت له : أريد أن تنقش لي على هذا الخاتم إذا حضرت عندك ما
أقوله لك ؛ فحضرت ، وقد أوصت خادمين أن يصيح أحدهما في أوّل السوق : جعفر ، ويصيح
الآخر في آخر السّوق : يحيى ! فقالت : انقش لي ما تسمعه من أوّل صائح يصيح الآن ، فصاح
أحدهما : جعفر ، فقال : ما يمكنني أن أنقش جعفر ! فصاح الآخر : يحيى ، فقالت :
انقش الآن جعفر بن يحيى ؛ فنقشه
387 - قال أبو
حنيفة : خدعتني امرأة أشارت إلى كيس مطروح في الطريق ، فتوهّمت أنّه لها ، فحملته
إليها ، فقالت : احتفظ به حتى يجيء صاحبه
379 - قال رجلٌ
لامرأته : أمرك بيدك ؛ فقالت : قد كان في يدك عشرين سنةً ، فحفظته ، فلا أضيعه أنا في ساعةٍ ، وقد
رددته إليك ؛ فأمسكها
380 - بكت
عجوزٌ على ميتٍ ، فقيل لها : بماذا استحق هذا منك ؟ فقالت : جاورنا وما فينا إلا
من تحل له الصّدقة ، ومات وما فينا إلا من تجب عليه الزكاة
381 - كان رجلٌ
يقف تحت روشن امرأةٍ ، وهي تكره وقوفه ، فجاء في بعض الأيام وعليه قميصٌ دبيقيٌ ،
قد غسله عند المطري ، وسقاه نشاءً ، وهو لبيسٌ ، وتحته قميصٌ روميٌّ كذلك ؛ وكان
للنّاس أترجٌ سوسيٌ ، في الأترجة ثلاثون رطلاً ، فأخرجت بطيخة كافور ، وأشارت إليه
: تعال خذ هذه ؛ فجاء ، فوقف تحت الرّوشن ، فقالت : أمسك حجرك صلباً حتى لا يقع
فينكسر ؛ فلزم حجره ، فأخرجت البطيخة كأنها ترمي بها ، فرمت أترجّته في حجره ، فلم
يردّه شيءٌ سوى الأرض ، وبقي ما في القميص على رقبته وأكتافه ، فهرب مستحيياً وما
عاد بعدها
382 - قال رجلٌ
لرجلٍ : قد جرحني المزين في رقبتي ؛ فقالت امرأة : هذا حتى لا يتمرمر
تعني أنّه كذا يصنع
بالقرع
الباب الثالث فيما
ذكر عن الصبيان من ذلك 383 - قال الزبير بن بكارٍ : كان ابن الزبير يلعب مع
الصبيان وهو صبي ، فمر رجلٌ فصاح عليهم ، ففروّا ، ومشى ابن الزبير القهقرى ، وقال
: يا صبيان ! اجعلوني أميركم ؛ وشدوا عليه
384 - ومرّ به
عمر بن الخطّاب وهو يلعب مع الصبيان ، ففرّوا ووقف ، فقال له : مالك لم
تفرّ مع أصحابك ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! لم أجرم فأخاف ، ولم يكن الطريق ضيّقة
فأوسع عليك
385 - قال علي
ابن المديني : خرج سفيان بن عيينة إلى أصحاب الحديث وهو ضجرٌ ، فقال : أليس من
الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيدٍ ، وجالس ضمرة أبا سعيد الخدريّ ؛ وجالست عمرو
بن دينارٍ ، وجالس جابر بن عبد الله ؛ وجالست عبدالله بن دينارٍ ، وجالس ابن عمر ؛
وجالست الزهري ، وجالس أنس بن مالكٍ ؛ حتى عدّ جماعة ، ثم أنا أجالسكم ! فقال له
حدثٌ في المجلس : انتصف يا أبا محمدٍ ! قال : إن شاء الله ؛ قال :
والله لشقاء من جالس
أصحاب رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بك أشدّ من شقائك بنا ؛ فأطرق وتمثّل بشعر
أبي نواسٍ :
( خل جنبيك لرام **
وامض عنه بسلام مت بداء الصمت خيرٌ ** لك من داء الكلام ) فسأل : من الحدث ؟ قالوا
: يحيى بن أكثم ؛ فقال سفيان : هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء
يعني : السلاطين
386 - قال أبو
عاصم النبيل : رأيت أبا حنيفة في المسجد الحرام يفتي وقد اجتمع النّاس عليه ،
وآذوه ، فقال : ما ههنا أحدٌ يأتينا بشرطيّ ؟ فقلت : يا أبا حنيفة ! تريد شرطياً ؟ ! قال : نعم ! فقلت : اقرأ عليّ هذه
الأحاديث التي معي ؛ فقرأها ، فقمت عنه ، ووقفت بحذائه ، فقال لي : أين الشرطيّ ؟ فقلت
له : إنّما قلت : تريد ، لم أقل لك : أجيء به ؛ فقال : انظروا ! أنا أحتال للنّاس
منذ كذا وكذا ، وقد احتال عليّ هذا الصبّي
387 - قال ثمامة
: دخلت إلى صديق أعوده ، وتركت حماري على الباب ، ولم يكن معي غلامٌ يحفظه ، ثمّ
خرجت ، وإذا فوقه صبيّ ، فقلت : أركبت حماري بغير إذني ؟ ! قال : خفت أن
يذهب فحفظته لك ؛ قلت : لو ذهب كان أحب لي من بقائه ؛ قال : إن كان هذا رأيك فيه ،
فاعمل على أنّه قد ذهب وهبه لي واربح شكري ؛ فلم أدر ما أقول
388 - قال
الأصمعي : قال رجلٌ من أهل الشّام : قدمت المدينة ؛ فقصدت منزل إبراهيم ابن هرمة ،
فإذا بنتٌ له صغيرةٌ تلعب بالطين ، فقلت لها : ما فعل أبوك ؟ قالت : وفد إلى بعض الأجواد ، فما
لنا منه علمٌ منذ مدةٍ
؛ فقلت : انحري لنا ناقةً ، فإنّا أضيافك ؛ قالت : والله ما عندنا ، قلت : فشاةً ،
قالت : والله ما عندنا ، قلت : فدجاجةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فأعطنا
بيضةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فباطلٌ ما قال أبوك : ( كم ناقةٍ قد وجأت
منحرها ** بمستهل الشؤبوب أو جمل ) قالت : فذاك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى
ليس عندنا شيءٌ
389 - قال بشرٌ
الحافي : أتيت باب المعافى بن عمران ، فدققت الباب ، فقيل لي : من ؟ فقلت : بشرٌ
الحافيٌ ؛ فقالت لي بنية من داخل الدار : لو اشتريت نعلاً بدانقين ذهب عنك اسم
الحافي
390 - قال
الأصمعي : بينا أنا في بعض البوادي ، إذا أنا بصبي - أو قال : صبيةٍ - معه قربةٌ
قد غلبته ، فيها ماءٌ ، وهو ينادي : يا أبةِ أدرك فاها ، غلبني فوها ، لا طاقة لي بفيها ؛ قال : فوالله قد
جمع العربية في ثلاث
391 - قال
الأصمعي : وقلت لغلامٍ حدثٍ من أولاد العرب : أيسرّك أن يكون لك مئة ألف درهم وأنّك أحمقٌ ؟ قال : لا ، والله ؛ قلت : لم ؟ قال
: أخاف أن يجني عليّ حمقي جنايةً تذهب مالي وتبقي عليّ حمقي
392 - لقي صبي
رجلاً غافلاً ، فقال له الصبي : إلى أين تمضي ؟
فقال : إلى المطبق ،
فقال : أوسع خطواتك
393 - ركب
المعتصم إلى خاقان يعوده ، والفتح صبي يومئذٍ ، فقال له المعتصم : أيّما
أحسن : دار أمير المؤمنين أو دار أبيك ؟ فقال : إذا كان أمير المؤمنين في دار أبي
، فدار أبي أحسن ؛ وأراه فصّاً في يده ، فقال : رأيت يا فتح أحسن من هذا الفصّ ؟
فقال : نعم ! اليد التي هو فيها
394 - ذبح رجلٌ
بخيلٌ دجاجةً ، فدعاه صديقٌ له ، فأمر بالدّجاجة فرفعت ، وبات عند صديقه ، فلمّا
جاء دعا بالدّجاجة ، فإذا هي منزوعة الفخذ ، فقال : من هذا الذي تعاطى فعقر ؟
فامتنعوا أن يخبروه ، فقال لقهرمانه : اقطع خبزهم ونفقاتهم ؛ فوثب غليمّ له صغير ،
وقال : ! ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) ! [ 7 سورة الأعراف / الآية : 155 ] فردّ عليهم خبزهم
395 - قعد صبيّ
مع قومٍ يأكلون ، فجعل يبكي ، فقالوا : ما لك ؟ قال : الطعام حارُّ ، قالوا : فدعه
حتى يبرد ، فقال : أنتم ما تدعونه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق